للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُ الْفَرْوُ وَالْحَشْوُ) لِأَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ إيصَالَ الْأَلَمِ بِهِ (وَإِنْ كَانَ الْقَاذِفُ عَبْدًا جُلِدَ أَرْبَعِينَ سَوْطًا لِمَكَانِ الرِّقِّ. وَالْإِحْصَانُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْذُوفُ حُرًّا عَاقِلًا بَالِغًا مُسْلِمًا عَفِيفًا عَنْ فِعْلِ الزِّنَا) أَمَّا الْحُرِّيَّةُ فَلِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْإِحْصَانِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ أَيْ الْحَرَائِرِ، وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ لِأَنَّ الْعَارَ لَا يَلْحَقُ بِالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ فِعْلِ الزِّنَا مِنْهُمَا، وَالْإِسْلَامُ لِقَوْلِهِ «مَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ» وَالْعِفَّةُ لِأَنَّ غَيْرَ الْعَفِيفِ لَا يَلْحَقُهُ الْعَارُ، وَكَذَا الْقَاذِفُ صَادِقٌ فِيهِ.

عَنْهُ الْحَشْوُ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يُجَرَّدُ. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ ذَلِكَ) يَعْنِي الْفَرْوَ وَالْحَشْوَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ وَقَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ الْقَاذِفُ عَبْدًا) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (وَالْإِحْصَانُ) بَيَانُ شَرْطِهِ. وَقَوْلُهُ (لِعَدَمِ تَحَقُّقِ فِعْلِ الزِّنَا مِنْهُمَا) قِيلَ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَحُدَّ مَنْ قَذَفَ الْمَجْنُونَ الَّذِي زَنَى فِي حَالِ جُنُونِهِ وَلَا يُحَدُّ وَإِنْ قَذَفَهُ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ فِعْلِ الزِّنَا مِنْهُمَا الزِّنَا الَّذِي يُؤَثِّمُ صَاحِبَهُ وَيُوجِبُ الْحَدَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا، وَأَمَّا الْوَطْءُ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ فَقَدْ تَحَقَّقَ مِنْهُمَا، وَبِالنَّظَرِ إلَى هَذَا كَانَ الْقَاذِفُ صَادِقًا فِي قَذْفِهِ فَلَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَى الْقَاذِفِ وَلَا عَلَى الْمَقْذُوفِ كَمَنْ قَذَفَ رَجُلًا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ وَطِئَ جَارِيَتَهُ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ: وَالْإِسْلَامُ لِقَوْلِهِ «مَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ» تَقْرِيرُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ حَدَّ الْقَذْفِ بِقَذْفِ الْمُحْصَنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْآيَةَ. وَالْكَافِرُ لَيْسَ بِمُحْصَنٍ لِقَوْلِهِ «مَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ» فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>