للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَهُمَا أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْفَاحِشَةِ مَهْمُوزًا أَيْضًا لِأَنَّ مِنْ الْعَرَبِ مَنْ يَهْمِزُ الْمُلَيَّنَ كَمَا يُلَيِّنُ الْمَهْمُوزَ، وَحَالَةُ الْغَضَبِ وَالسِّبَابِ تُعَيِّنُ الْفَاحِشَةَ مُرَادًا بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا قَالَ يَا زَانِي أَوْ قَالَ زَنَأْت، وَذِكْرُ الْجَبَلِ إنَّمَا يُعَيِّنُ الصُّعُودَ مُرَادًا إذَا كَانَ مَقْرُونًا بِكَلِمَةِ عَلَى إذْ هُوَ لِلْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ، وَلَوْ قَالَ زَنَأْت عَلَى الْجَبَلِ لَا يُحَدُّ لِمَا قُلْنَا، وَقِيلَ يُحَدُّ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ.

(وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ يَا زَانِي فَقَالَ لَا بَلْ أَنْتِ فَإِنَّهُمَا يُحَدَّانِ) لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا بَلْ أَنْتَ زَانٍ

وَقَوْلُهُ (وَلَهُمَا أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ إلَخْ) وَاضِحٌ. وَقِيلَ كَلَامُهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمَهْمُوزَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْفَاحِشَةِ وَالصُّعُودِ، وَحَالَةِ الْغَضَبِ وَالسِّبَابِ تُعَيِّنُ أَحَدَ الْمُحْتَمَلَيْنِ عِنْدَهُمَا. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الصُّعُودِ مَجَازٌ فِي الْفَاحِشَةِ وَحِينَئِذٍ يَتَرَجَّحُ قَوْلُهُ لِأَنَّ اللَّفْظَ إذَا دَارَ بَيْنَ كَوْنِهِ مُشْتَرَكًا وَحَقِيقَةً وَمَجَازًا فَالثَّانِي يَتَرَجَّحُ عَلَى الْأَوَّلِ لِعَدَمِ إخْلَالِهِ بِالْفَهْمِ وَلِأَنَّ الْبَابَ بَابُ الْحَدِّ فَيَحْتَالُ لِلدَّرْءِ. وَقَوْلُهُ (لِمَا قُلْنَا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ إذَا كَانَ مَقْرُونًا بِكَلِمَةِ عَلَى. وَقَوْلُهُ (لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ وَحَالَةُ الْغَضَبِ وَالسِّبَابِ تُعَيِّنُ الْفَاحِشَةَ مُرَادًا

(قَوْلُهُ وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ يَا زَانِي) ظَاهِرٌ. وَاعْتُرِضَ عَلَى قَوْلِهِ فَيَصِيرُ الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ فِي الْأَوَّلِ مَذْكُورًا فِي الثَّانِي بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوَّلِ هُوَ قَوْلُهُ يَا زَانِي وَمَا ثَمَّةَ خَبَرٌ أَصْلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>