(وَلَوْ قَذَفَ رَجُلًا وَطِئَ أَمَتَهُ وَهِيَ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ لَا يُحَدُّ) لِأَنَّ الْحُرْمَةَ مُؤَبَّدَةٌ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ (وَلَوْ قَذَفَ مُكَاتَبًا مَاتَ وَتَرَكَ وَفَاءً لَا حَدَّ عَلَيْهِ) لِتَمَكُّنِ الشُّبْهَةِ فِي الْحُرِّيَّةِ لِمَكَانِ اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ.
(وَلَوْ قَذَفَ مَجُوسِيًّا تَزَوَّجَ بِأُمِّهِ ثُمَّ أَسْلَمَ يُحَدُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَا: لَا حَدَّ عَلَيْهِ) وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَزَوُّجَ الْمَجُوسِيِّ بِالْمَحَارِمِ لَهُ حُكْمُ الصِّحَّةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا. وَقَدْ مَرَّ فِي النِّكَاحِ.
(وَإِذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَنَا بِأَمَانٍ فَقَذَفَ مُسْلِمًا حُدَّ) لِأَنَّ فِيهِ حَقَّ الْعَبْدِ وَقَدْ الْتَزَمَ إيفَاءَ حُقُوقِ الْعِبَادِ، وَلِأَنَّهُ طَمِعَ فِي أَنْ لَا يُؤْذِيَ فَيَكُونَ مُلْتَزَمًا أَنْ لَا يُؤْذِيَ وَمُوجِبُ أَذَاهُ الْحَدُّ (وَإِذَا حُدَّ الْمُسْلِمُ فِي قَذْفٍ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ تَابَ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تُقْبَلُ إذَا تَابَ وَهِيَ تُعْرَفُ فِي الشَّهَادَاتِ (وَإِذَا حُدَّ الْكَافِرُ فِي قَذْفٍ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ) لِأَنَّ لَهُ الشَّهَادَةَ عَلَى جِنْسِهِ فَتُرَدُّ تَتِمَّةً لَحَدِّهِ (فَإِنْ أَسْلَمَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ اسْتَفَادَهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَلَمْ تَدْخُلْ
أَوْ أَخْرَجَ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ عَنْ مِلْكِهِ حَلَّ لَهُ الْوَطْءُ فَلَمْ يَكُنْ زِنًا فَيُحَدُّ قَاذِفُهُ، وَبَقِيَّةُ كَلَامِهِ ظَاهِرٌ.
وَقَوْلُهُ (وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ الْكَرْخِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ: بِوَطْئِهَا لَا يَسْقُطُ إحْصَانُهُ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْفِعْلِ مَعَ قِيَامِ الْمِلْكِ الَّذِي هُوَ الْمُبِيحُ لَا يَسْقُطُ إحْصَانُهُ كَوَطْءِ امْرَأَتِهِ الْحَائِضِ أَوْ الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ الْمُحَرَّمَةُ أَوْ أَمَتُهُ الَّتِي زَوَّجَهَا وَهِيَ فِي عِدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّ مِلْكَ الْحِلِّ قَائِمٌ بِبَقَاءِ سَبَبِهِ. وَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ تَنَافِيًا، فَمِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ أَحَدِهِمَا يَنْتَفِي الْآخَرُ، وَالْحُرْمَةُ الْمُؤَبَّدَةُ ثَابِتَةٌ فَيَنْتَفِي الْحِلُّ. وَقَوْلُهُ لِأَنَّ مَالِكَ الْحِلِّ قَائِمٌ بِبَقَاءِ سَبَبِهِ، قُلْنَا: السَّبَبُ لَا يُوجِبُ الْحُكْمَ إلَّا فِي مَحَلٍّ قَابِلٍ لَهُ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ قَابِلًا لِلْحِلِّ فِي حَقِّهِ لَا يَثْبُتُ مِلْكُ الْحِلِّ فَكَانَ فِعْلُهُ فِي مَعْنَى الزِّنَا وَقَوْلُهُ (لِمَكَانِ اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ) يَعْنِي فِي أَنَّهُ مَاتَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا عَلَى مَا يَجِيءُ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَوْلُهُ (وَقَدْ مَرَّ فِي النِّكَاحِ) أَيْ فِي بَابِ نِكَاحِ أَهْلِ الشِّرْكِ.
وَقَوْلُهُ (فَقَذَفَ مُسْلِمًا حُدَّ) جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَوَّلًا لَا يُحَدُّ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا ذَكَرْنَا فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ حَدِّ الزِّنَا. وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ وَاضِحٌ. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ اسْتَفَادَهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَلَمْ تَدْخُلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute