وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ عَلَى قَدْرِ عِظَمِ الْجُرْمِ وَصِغَرِهِ، وَعَنْهُ أَنْ يُقَرَّبَ كُلُّ نَوْعٍ مِنْ بَابِهِ؛ فَيُقَرَّبُ الْمَسُّ وَالْقُبْلَةُ مِنْ حَدِّ الزِّنَا، وَالْقَذْفُ بِغَيْرِ الزِّنَا مِنْ حَدِّ الْقَذْفِ. .
قَالَ (وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَضُمَّ إلَى الضَّرْبِ فِي التَّعْزِيرِ الْحَبْسَ فَعَلَ) لِأَنَّهُ صَلُحَ تَعْزِيرًا وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ حَتَّى جَازَ أَنْ يَكْتَفِيَ بِهِ فَجَازَ أَنْ يُضَمَّ إلَيْهِ، وَلِهَذَا لَمْ يُشْرَعْ فِي التَّعْزِيرِ بِالتُّهْمَةِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ كَمَا شُرِعَ فِي الْحَدِّ لِأَنَّهُ مِنْ التَّعْزِيرِ.
وَقَوْلُهُ (فَيَقْرَبُ اللَّمْسُ وَالْقُبْلَةُ مِنْ حَدِّ الزِّنَا) يَعْنِي فَيَكُونُ فِيهِ أَكْثَرُ الْجَلَدَاتِ. وَقَوْلُهُ (وَالْقَذْفُ بِغَيْرِ الزِّنَا مِنْ حَدِّ الْقَذْفِ) يَعْنِي فَيَكُونُ فِيهِ أَقَلُّ الْجَلَدَاتِ.
وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُ) يَعْنِي الْحَبْسَ (صَلَحَ تَعْزِيرًا) وَقَوْلُهُ (وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ) أَيْ بِالْحَبْسِ وَهُوَ مَا رُوِيَ «أَنَّهُ ﷺ حَبَسَ رَجُلًا لِلتَّعْزِيرِ» (وَقَوْلُهُ وَلِهَذَا لَمْ يَشْرَعْ فِي التَّعْزِيرِ بِالتُّهْمَةِ) لِإِيضَاحِ أَنَّ الْحَبْسَ يَصْلُحُ لِلتَّعْزِيرِ فِيمَا يَجِبُ فِيهِ التَّعْزِيرُ: أَيْ لَمْ يُشْرَعْ الْحَبْسُ بِسَبَبِ التُّهْمَةِ فِي الشَّيْءِ الَّذِي يُوجِبُ التَّعْزِيرَ لَوْ ثَبَتَ قَبْلَ ثُبُوتِهِ بِأَنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ مَسْتُورَانِ عَلَى أَنَّهُ قَذَفَ مُحْصَنًا فَقَالَ يَا فَاسِقُ أَوْ يَا كَافِرُ فَلَا يُحْبَسُ الْمُتَّهَمُ قَبْلَ تَعْدِيلِ الشُّهُودِ. وَفِي فَصْلِ الْحَدِّ يُحْبَسُ بِالتُّهْمَةِ لِأَنَّ فِي بَابِ الْحَدِّ شَيْئًا آخَرَ فَوْقَ الْحَبْسِ وَهُوَ إقَامَةُ الْحَدِّ عِنْدَ وُجُودِ مُوجِبِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يُحْبَسَ فِي تُهْمَتِهِ لِتَنَاسُبِ إقَامَةِ الْعُقُوبَةِ الْأَدْنَى بِمُقَابَلَةِ الذَّنْبِ الْأَدْنَى. وَفِي بَابِ الْأَمْوَالِ وَالتَّعْزِيرِ لَا يُحْبَسُ بِالتُّهْمَةِ لِأَنَّ الْأَقْصَى فِيهِمَا عُقُوبَةُ الْحَبْسِ، فَلَوْ حُبِسَا بِالتُّهْمَةِ فِيهِمَا لَكَانَ إقَامَةُ الْعُقُوبَةِ الْأَعْلَى بِمُقَابَلَةِ الذَّنْبِ الْأَدْنَى وَهُوَ مِمَّا يَأْبَاهُ الشَّرْعُ، وَلَمَّا لَمْ يُشْرَعْ الْحَبْسُ عِنْدَ تُهْمَةِ مُوجِبِ التَّعْزِيرِ عُلِمَ أَنَّ الْحَبْسَ مِنْ التَّعْزِيرِ، إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْحَبْسُ مِنْ التَّعْزِيرِ لَحُبِسَ عِنْدَ تُهْمَةِ مُوجِبِ التَّعْزِيرِ كَمَا يُحْبَسُ عِنْدَ تُهْمَةِ مُوجِبِ الزِّنَا فَلَمَّا كَانَ الْحَبْسُ مِنْ التَّعْزِيرِ بِهَذَا الدَّلِيلِ جَازَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَضُمَّهُ إلَى الضَّرْبِ إنْ رَأَى ذَلِكَ، كَمَا أَنَّ لِلْإِمَامِ الرَّأْيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute