كَمَا إذَا نَقَبَ الْجِدَارَ عَلَى الِاسْتِسْرَارِ وَأَخَذَ الْمَالَ مِنْ الْمَالِكِ مُكَابَرَةً عَلَى الْجِهَارِ. وَفِي الْكُبْرَى: أَعْنِي قَطْعَ الطَّرِيقِ مُسَارَقَةُ عَيْنِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَصَدِّي لِحِفْظِ الطَّرِيقِ بِأَعْوَانِهِ. وَفِي الصُّغْرَى: مُسَارَقَةُ عَيْنِ الْمَالِكِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ.
قَالَ (وَإِذَا سَرَقَ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يَبْلُغُ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةً مِنْ حِرْزٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَجَبَ الْقَطْعُ) وَالْأَصْلُ فِيهِ
مَا نَقَلَهُ الشَّارِعُ إلَيْنَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا مَا هُوَ الْمُقَرَّرُ عَلَى مَا أَنْبَأَنَا بِهِ اللُّغَةُ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ﴾ ﴿وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ﴾ وَالثَّانِي مَا هُوَ الْمَعْدُولُ عَمَّا أَنْبَأَنَا بِهِ اللُّغَةُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ شَرْعًا عِبَارَةٌ عَنْ الْأَرْكَانِ الْمَعْهُودَةِ وَلَيْسَ لَهَا إنْبَاءٌ لُغَوِيٌّ وَكَذَلِكَ فِي غَيْرِهَا. وَالثَّالِثُ مَا أَنْبَأَنَا بِهِ اللُّغَةُ مُقَرَّرٌ مَعَ زِيَادَةِ شَيْءٍ فِيهِ شَرْعًا كَالسَّرِقَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي اللُّغَةِ الدُّعَاءُ وَهِيَ مُقَرَّرَةٌ فِي الشَّرْعِ مَعَ زِيَادَةِ أَوْصَافٍ، وَكَذَلِكَ الصَّوْمُ هُوَ الْإِمْسَاكُ وَالزَّكَاةُ هُوَ النَّمَاءُ وَالْحَجُّ هُوَ الْقَصْدُ، وَالْمَعَانِي اللُّغَوِيَّةُ فِي كُلِّ ذَلِكَ مَوْجُودَةٌ مَعَ زِيَادَةِ أَوْصَافٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ نَظَرٌ عَلَى الْمِثَالِ وَهُوَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ عِنْدَ الْمُحَصِّلِينَ وَقَوْلُهُ (كَمَا إذَا نَقَبَ الْجِدَارَ عَلَى الِاسْتِسْرَارِ) نَظِيرُ مَا يَكُونُ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ مَوْجُودًا فِيهِ ابْتِدَاءً وَتَرَكَ نَظِيرَ الْأَوَّلِ لِظُهُورِهِ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَقْطَعَ فِيمَا إذَا نَقَبَ الْجِدَارَ عَلَى الِاسْتِسْرَارِ وَأَخَذَ الْمَالَ مِنْ الْمَالِكِ مُكَابَرَةً: أَيْ مُقَاتَلَةً بِسِلَاحٍ لِأَنَّ رُكْنَ السَّرِقَةِ الْأَخْذُ عَلَى سَبِيلِ الْخُفْيَةِ وَالِاسْتِسْرَارِ، وَالْخُفْيَةُ إنْ وُجِدَتْ وَقْتَ الدُّخُولِ لَمْ تُوجَدْ وَقْتَ الْأَخْذِ فَإِنَّ الْأَخْذَ حَصَلَ بِطَرِيقِ الْمُغَالَبَةِ لَكِنَّهُمْ اسْتَحْسَنُوا وَقَالُوا بِوُجُوبِ الْقَطْعِ لِأَنَّهُمْ لَوْ اعْتَبَرُوا الْخُفْيَةَ وَقْتَ الْأَخْذِ لَامْتَنَعَ الْقَطْعُ فِي أَكْثَرِ السَّرِقَاتِ لِأَنَّ أَكْثَرَهَا فِي اللَّيَالِيِ يَصِيرُ مُغَالَبَةً فِي الِانْتِهَاءِ لِأَنَّهُ وَقْتٌ لَا يَلْحَقُ الْغَوْثُ وَقَوْلُهُ (أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ) يَعْنِي الْمُودِعَ وَالْمُسْتَعِيرَ وَالْمُضَارِبَ وَالْغَاصِبَ وَالْمُرْتَهِنَ.
قَالَ (وَإِذَا سَرَقَ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يَبْلُغُ قِيمَتُهُ ذَلِكَ مَضْرُوبَةً مِنْ حِرْزٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ) عَلَى مَا سَيَظْهَرُ لَك مَعْنَاهُ (وَجَبَ الْقَطْعُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute