قَالَ (وَيَجِبُ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ) لِتَحَقُّقِ الظُّهُورِ كَمَا فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَهُمَا الْإِمَامُ عَنْ كَيْفِيَّةِ السَّرِقَةِ وَمَاهِيَّتِهَا وَزَمَانِهَا وَمَكَانِهَا لِزِيَادَةِ الِاحْتِيَاطِ كَمَا مَرَّ فِي الْحُدُودِ، وَيَحْبِسُهُ إلَى أَنْ يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ لِلتُّهْمَةِ. .
(وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَهُمَا الْإِمَامُ عَنْ كَيْفِيَّةِ السَّرِقَةِ) فَيَقُولَ لَهُ كَيْفَ سَرَقْت لِجَوَازِ أَنَّهُ نَقَبَ الْبَيْتَ وَأَدْخَلَ يَدَهُ وَأَخْرَجَ الْمَتَاعَ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ (وَعَنْ مَاهِيَّتِهَا) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ شَيْئًا تَافِهًا وَلَا قَطْعَ فِيهِ، وَهَذَا مُشْكِلٌ لِأَنَّ مَاهِيَّةَ السَّرِقَةِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا لَا يَذْكُرُهَا إلَّا آحَادُ الْفُقَهَاءِ فَيَحْتَاجُ إلَى حُضُورِ الْفُقَهَاءِ شَرْطًا لِظُهُورِهِ، وَفِي ذَلِكَ سَدُّ بَابِ الْقَطْعِ (وَعَنْ زَمَانِهَا) فِيمَا يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ لِجَوَازِ تَقَادُمِ الْعَهْدِ الْمَانِعِ عَنْ الْقَطْعِ لِوُجُودِ التُّهْمَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ، فَإِنَّ التَّقَادُمَ فِيهِ لَيْسَ بِمَانِعٍ لِعَدَمِهَا فَلَا يَسْأَلُ عَنْ الزَّمَانِ. فَإِنْ قِيلَ: الشَّاهِدُ فِي تَأْخِيرِ الشَّهَادَةِ هُنَا غَيْرُ مُتَّهَمٍ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ بِدُونِ الدَّعْوَى فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَسْأَلَ فِيمَا إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ كَمَا لَا يَسْأَلُ فِيمَا إذَا ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ. قُلْنَا: إنَّ الْجَوَابَ قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا (وَعَنْ مَكَانِهَا) لِجَوَازِ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْ غَيْرِ الْحِرْزِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ. وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ: وَيَسْأَلُهُمَا عَنْ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ أَيْضًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ أَوْ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ، وَلَعَلَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ لِأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ حَاضِرٌ يُخَاصِمُ وَالشُّهُودُ تَشْهَدُ بِالسَّرِقَةِ مِنْهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى السُّؤَالِ عَنْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ (وَيَحْبِسُهُ) أَيْ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَّهَمًا بِالسَّرِقَةِ فَيُحْبَسُ لِمَا رَوَيْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ «حَبَسَ رَجُلًا بِالتُّهْمَةِ».
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute