وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ آخِذُهَا يَتَأَوَّلُ الْكَسْرَ فِيهَا.
(وَيُقْطَعُ فِي السَّاجِ وَالْقِنَا وَالْآبَنُوسِ وَالصَّنْدَلِ) لِأَنَّهَا أَمْوَالٌ مُحَرَّزَةٌ لِكَوْنِهَا عَزِيزَةً عِنْدَ النَّاسِ وَلَا تُوجَدُ بِصُورَتِهَا مُبَاحَةً فِي دَارِ الْإِسْلَامِ. قَالَ (وَيُقْطَعُ فِي الْفُصُوصِ الْخُضْرِ وَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ) لِأَنَّهَا مِنْ أَعَزِّ الْأَمْوَالِ وَأَنْفَسِهَا وَلَا تُوجَدُ مُبَاحَةَ الْأَصْلِ بِصُورَتِهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ غَيْرَ مَرْغُوبٍ فِيهَا فَصَارَتْ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.
(وَإِذَا اتَّخَذَ مِنْ الْخَشَبِ أَوَانِيَ وَأَبْوَابًا قُطِعَ فِيهَا) لِأَنَّهُ بِالصَّنْعَةِ الْتَحَقَ بِالْأَمْوَالِ النَّفِيسَةِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهَا تُحَرَّزُ بِخِلَافِ الْحَصِيرِ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ فِيهِ لَمْ تَغْلِبْ عَلَى الْجِنْسِ حَتَّى يُبْسَطُ فِي غَيْرِ الْحِرْزِ، وَفِي الْحُصْرِ الْبَغْدَادِيَّةِ قَالُوا يَجِبُ الْقَطْعُ فِي سَرِقَتِهَا لِغَلَبَةِ الصَّنْعَةِ عَلَى الْأَصْلِ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْقَطْعُ فِي غَيْرِ الْمُرَكَّبِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ إذَا كَانَ خَفِيفًا لَا يَثْقُلُ عَلَى الْوَاحِدِ حَمْلُهُ لِأَنَّ الثَّقِيلَ مِنْهُ لَا يُرْغَبُ فِي سَرِقَتِهِ
بِدَلِيلِ أَنَّ مُتْلِفَهُ لَا يَضْمَنُهُ (وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَإِنْ كَانَ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْمُتْلِفِ فَهِيَ مُتَقَوِّمَةٌ، لَكِنْ (آخِذُهَا يَتَأَوَّلُ الْكَسْرَ فِيهَا) فَكَانَ ذَلِكَ شُبْهَةً.
(وَالسَّاجُ) خَشَبٌ يُجْلَبُ مِنْ الْهِنْدِ (وَالْقِنَاءُ) بِالْكَسْرِ جَمْعُ قَنَاةٍ وَهِيَ خَشَبَةُ الرُّمْحِ (وَالْآبَنُوسُ) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ مَعْرُوفٌ. وَقَوْلُهُ (وَلَا تُوجَدُ بِصُورَتِهَا مُبَاحَةً فِي دَارِ الْإِسْلَامِ) وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ بِدَارِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ الْأَمْوَالَ كُلَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى الْإِبَاحَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ.
وَقَوْلُهُ (وَإِذَا اُتُّخِذَ مِنْ الْخَشَبِ أَوَانٌ) فَرَّقَ بَيْنَ الْعَمَلِ الْمُتَّصِلِ بِالْخَشَبِ وَالْعَمَلِ الْمُتَّصِلِ بِالْحَشِيشِ بِغَلَبَةِ الصَّنْعَةِ عَلَى الْأَصْلِ فَفِي الْخَشَبِ تَغْلِبُ الصَّنْعَةُ عَلَى الْجِنْسِ فَتُخْرِجُهُ عَنْ الْجِنْسِ الْمُبَاحِ بِازْدِيَادٍ يَحْصُلُ فِي قِيمَتِهِ وَيُعَزِّزُهُ بِحَيْثُ إنَّهُمْ يُدْخِلُونَهُ فِي الْحِرْزِ.
وَأَمَّا فِي الْحَشِيشِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلِهَذَا يَفْرِشُونَهُ فِي غَيْرِ الْحِرْزِ، حَتَّى لَوْ غَلَبَ الصَّنْعَةُ عَلَى الْأَصْلِ كَالْحُصْرِ الْبَغْدَادِيَّةِ يَجِبُ الْقَطْعُ.
وَقَوْلُهُ (وَإِنَّمَا يَجِبُ الْقَطْعُ) أَيْ فِي الْأَبْوَابِ (فِي غَيْرِ الْمُرَكَّبِ) بِالْجِدَارِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ مُرَكَّبَةً فِي الْجِدَارِ فَقَلَعَهَا فَأَخَذَهَا فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّ الْقَطْعَ إنَّمَا يَكُونُ فِي مَالٍ مُحْرَزٍ لَا فِيمَا يُحْرَزُ بِهِ، وَمَا فِي الْبَيْتِ مِنْ الْمَتَاعِ فَإِنَّمَا يُحْرَزُ بِالْأَبْوَابِ الْمُرَكَّبَةِ فَلَا تَكُونُ مُحْرَزَةً، قِيلَ هَذَا فِي الْبَابِ الْبَرَانِيِّ، وَأَمَّا فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الدَّاخِلِ فَفِيهِ الْقَطْعُ لِأَنَّهُ مُحْرَزٌ بِالْبَرَانِيِّ. وَقَوْلُهُ (وَإِنَّمَا يَجِبُ إذَا كَانَ خَفِيفًا) ظَاهِرٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute