مَا بُنِيَ لِإِحْرَازِ الْأَمْوَالِ فَلَمْ يَكُنْ الْمَالُ مُحَرَّزًا بِالْمَكَانِ، بِخِلَافِ الْحَمَّامِ وَالْبَيْتِ الَّذِي أُذِنَ لِلنَّاسِ فِي دُخُولِهِ حَيْثُ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ بُنِيَ لِلْإِحْرَازِ فَكَانَ الْمَكَانُ حِرْزًا فَلَا يُعْتَبَرُ الْإِحْرَازُ بِالْحَافِظِ.
(وَلَا قَطْعَ عَلَى الضَّيْفِ إذَا سَرَقَ مِمَّنْ أَضَافَهُ) لِأَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يَبْقَ حِرْزًا فِي حَقِّهِ لِكَوْنِهِ مَأْذُونًا فِي دُخُولِهِ، وَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ الدَّارِ فَيَكُونُ فِعْلُهُ خِيَانَةً لَا سَرِقَةً.
(وَمَنْ سَرَقَ سَرِقَةً فَلَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ الدَّارِ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّ الدَّارَ كُلَّهَا حِرْزٌ وَاحِدٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِخْرَاجِ مِنْهَا، وَلِأَنَّ الدَّارَ وَمَا فِيهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا مَعْنًى فَتَتَمَكَّنُ شُبْهَةُ عَدَمِ الْأَخْذِ) (فَإِنْ كَانَتْ دَارٌ فِيهَا مَقَاصِيرُ فَأَخْرَجَهَا مِنْ الْمَقْصُورَةِ إلَى صَحْنِ الدَّارِ قُطِعَ) لِأَنَّ كُلَّ مَقْصُورَةٍ بِاعْتِبَارِ سَاكِنِهَا حِرْزٌ عَلَى حِدَةٍ (وَإِنْ أَغَارَ إنْسَانٌ مِنْ أَهْلِ الْمَقَاصِيرِ عَلَى مَقْصُورَةٍ فَسَرَقَ مِنْهَا قُطِعَ)
وَقَوْلُهُ (وَمَنْ سَرَقَ سَرِقَةً) أَيْ مَالًا وَسَمَّى الشَّيْءَ الْمَسْرُوقَ سَرِقَةً مَجَازًا، وَمِنْهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ: إذَا كَانَتْ السَّرِقَةُ مُصْحَفًا.
وَقَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَتْ فِيهَا) أَيْ فِي الدَّارِ (مَقَاصِيرُ) يَعْنِي حُجُرَاتٌ وَبُيُوتٌ. وَقَوْلُهُ (وَإِنْ أَغَارَ إنْسَانٌ) أَيْ دَخَلَ بِسُرْعَةٍ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ نَاقِلًا عَنْ الْمُغْرِبِ: إنْ أَغَارَ لَفْظُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ وَالضَّمْرِيِّ، وَأَمَّا لَفْظُ مُحَمَّدٍ فَهُوَ وَإِنْ أَعَانَ إنْسَانٌ مِنْ أَهْلِ الْمَقَاصِيرِ إنْسَانًا عَلَى مَتَاعِ مَنْ يَسْكُنُ مَقْصُورَةً أُخْرَى. وَلَفْظُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ كَذَلِكَ، وَكَأَنَّهُ أَصَحُّ لِأَنَّ الْإِغَارَةَ فِي بَابِ السَّرِقَةِ غَيْرُ لَائِقَةٍ، لِأَنَّ السَّرِقَةَ أَخْذُ مَالٍ فِي خَفَاءٍ وَحِيلَةٍ فَلِذَلِكَ سَمَّى السَّارِقَ بِهِ لِأَنَّهُ يُسَارِقُ عَيْنَ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ، وَالْإِغَارَةُ أَخْذٌ فِي الْمُجَاهَرَةِ مُكَابَرَةً وَمُغَالَبَةً. وَقِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَقَاصِيرِ يَدْخُلُ عَلَى بَعْضٍ آخَرَ بِاللَّيْلِ جَهْرًا وَمُكَابَرَةً وَمُخْتَفِيًا عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ، وَمِثْلُ هَذَا الْمَعْنَى لَا يَلِيقُ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute