للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا لَوْ خَرَجَ وَلَمْ يَأْخُذْ، وَكَذَا الْأَخْذُ مِنْ السِّكَّةِ كَمَا لَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ. وَلَنَا أَنَّ الرَّمْيَ حِيلَةٌ يَعْتَادُهَا السُّرَّاقُ لِتَعَذُّرِ الْخُرُوجِ مَعَ الْمَتَاعِ، أَوْ لِيَتَفَرَّغَ لِقِتَالِ صَاحِبِ الدَّارِ أَوْ لِلْفِرَارِ وَلَمْ تَعْتَرِضْ عَلَيْهِ يَدٌ مُعْتَبَرَةٌ فَاعْتُبِرَ الْكُلُّ فِعْلًا وَاحِدًا، فَإِذَا خَرَجَ وَلَمْ يَأْخُذْهُ فَهُوَ مُضَيِّعٌ لَا سَارِقٌ. قَالَ (وَكَذَلِكَ إنْ حَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ فَسَاقَهُ وَأَخْرَجَهُ) لِأَنَّ سَيْرَهُ مُضَافٌ إلَيْهِ لِسَوْقِهِ.

(وَإِذَا دَخَلَ الْحِرْزَ جَمَاعَةٌ فَتَوَلَّى بَعْضُهُمْ الْأَخْذَ قُطِعُوا جَمِيعًا) قَالَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ: هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُقْطَعَ الْحَامِلُ وَحْدَهُ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ ؛

يَدٍ أُخْرَى عَلَى يَدِهِ. وَإِذَا بَقِيَتْ يَدُهُ حُكْمًا وَقَدْ تَقَرَّرَ ذَلِكَ بِالْأَخْذِ الثَّانِي وَجَبَ الْقَطْعُ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَعْتَرِضْ عَلَيْهِ يَدٌ مُعْتَبَرَةٌ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ كَمَا لَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ فَإِنَّ هُنَاكَ يَدًا مُعْتَبَرَةً اعْتَرَضَتْ عَلَيْهِ فَأَوْجَبَتْ سُقُوطَ الْيَدِ الْحُكْمِيَّةِ لِلسَّارِقِ فَلَمَّا لَمْ تَسْقُطْ الْيَدُ الْحُكْمِيَّةُ هُنَا لَمْ يَرِدْ مَا ذَكَرَهُ زُفَرُ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ الْحِرْزِ وَلَا مَالَ فِي يَدِهِ. وَقَوْلُهُ (فَاعْتُبِرَ الْكُلُّ) أَيْ إلْقَاؤُهُ فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ أَخْذُهُ مِنْهُ (فِعْلًا وَاحِدًا) كَمَا إذَا أَخَذَ الْمَالَ وَخَرَجَ مَعَهُ مِنْ الْحِرْزِ فَإِنَّهُ فِعْلٌ وَاحِدٌ كَذَلِكَ. هَذَا وَقَوْلُهُ (فَإِذَا خَرَجَ وَلَمْ يَأْخُذْهُ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ كَمَا لَوْ خَرَجَ وَلَمْ يَأْخُذْ. وَقَوْلُهُ (وَكَذَا إنْ حَمَلَهُ عَلَى حِمَارٍ) ظَاهِرٌ.

قَالَ (وَإِذَا دَخَلَ الْحِرْزَ جَمَاعَةٌ) كَلَامُهُ وَاضِحٌ. وَإِنَّمَا وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي دُخُولِ جَمِيعِهِمْ لِأَنَّهُمْ إذَا اشْتَرَكُوا وَاتَّفَقُوا عَلَى فِعْلِ السَّرِقَةِ لَكِنْ دَخَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ الْبَيْتَ وَأَخْرَجَ الْمَتَاعَ وَلَمْ يَدْخُلْ غَيْرُهُ فَالْقَطْعُ عَلَى مَنْ دَخَلَ الْبَيْتَ وَأَخْرَجَ الْمَتَاعَ إنْ عُرِفَ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ فَعَلَيْهِمْ التَّعْزِيرُ، وَلَا يُقْطَعُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ الدَّاخِلِ يُعِينُ الدَّاخِلَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُمْ لَمَّا لَمْ يَدْخُلُوا الْبَيْتَ لَمْ يَتَأَكَّدْ مُعَاوَنَتُهُمْ بِهَتْكِ الْحِرْزِ بِالدُّخُولِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ اشْتِرَاكُهُمْ لِمَا أَنَّ كَمَالَ هَتْكِ الْحِرْزِ إنَّمَا يَكُونُ بِالدُّخُولِ وَقَدْ وُجِدَ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ فَاعْتُبِرَ اشْتِرَاكُهُمْ، قَالُوا: هَذَا إذَا كَانَ الْآخِذُ الْحَامِلُ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ عِنْدَ الِانْفِرَادِ بِأَنْ كَانَ عَاقِلًا بَالِغًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْآخِذُ الْحَامِلُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَلَا يُقْطَعُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لِأَنَّ غَيْرَ الْحَامِلِ فِي هَذَا الْفِعْلِ تَبَعٌ لِلْآخِذِ الْحَامِلِ، فَإِذَا لَمْ يَجِبْ الْقَطْعُ عَلَى مَنْ هُوَ أَصْلٌ لَا يَجِبُ عَلَى مَنْ هُوَ تَبَعٌ وَإِنْ كَانَ الَّذِي تَوَلَّى الْحَمْلَ وَالْإِخْرَاجَ كَبِيرًا لَكِنْ فِيهِمْ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، لِأَنَّ الْفِعْلَ مِنْ الْكُلِّ وَاحِدٌ وَقَدْ تَمَكَّنَتْ الشُّبْهَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>