لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْكُمِّ يُقْطَعُ) لِأَنَّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الرِّبَاطَ مِنْ خَارِجٍ، فَبِالطَّرِّ يَتَحَقَّقُ الْأَخْذُ مِنْ الظَّاهِرِ فَلَا يُوجَدُ هَتْكُ الْحِرْزِ. وَفِي الثَّانِي الرِّبَاطُ مِنْ دَاخِلٍ، فَبِالطَّرِّ يَتَحَقَّقُ الْأَخْذُ مِنْ الْحِرْزِ وَهُوَ الْكُمُّ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الطَّرِّ حَلُّ الرِّبَاطِ، ثُمَّ الْأَخْذُ فِي الْوَجْهَيْنِ يَنْعَكِسُ الْجَوَابُ لِانْعِكَاسِ الْعِلَّةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀ أَنَّهُ يُقْطَعُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ مُحَرَّزٌ إمَّا بِالْكُمِّ أَوْ بِصَاحِبِهِ. قُلْنَا: الْحِرْزُ هُوَ الْكُمُّ لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُهُ، وَإِنَّمَا قَصْدُهُ قَطْعُ الْمَسَافَةِ
يَشُقُّهَا وَيَقْطَعُهَا، وَالصُّرَّةُ وِعَاءُ الدَّرَاهِمِ، يُقَالُ صَرَرْت الصُّرَّةَ: أَيْ شَدَدْتهَا، وَالْمُرَادُ بِالصُّرَّةِ هُنَا نَفْسُ الْكُمِّ الْمَشْدُودِ فِيهِ الدَّرَاهِمُ.
وَفِي هَذَا التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ بِأَنَّ الطَّرَّارَ يُقْطَعُ لَيْسَ بِمُجْرًى عَلَى عُمُومِهِ بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ مَا إذَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْكُمِّ فَطَرَّهَا (قَوْلُهُ فَلَا يُوجَدُ هَتْكُ الْحِرْزِ) يَعْنِي إدْخَالَ الْيَدِ فِي الْكُمِّ وَإِخْرَاجَ الدَّرَاهِمِ مِنْهُ. وَقَوْلُهُ (فِي الْوَجْهَيْنِ) أَيْ مِنْ الْخَارِجِ وَالدَّاخِلِ. وَقَوْلُهُ (يَنْعَكِسُ الْجَوَابُ) يَعْنِي فِيمَا إذَا كَانَ حَلَّ الرِّبَاطَ خَارِجَ الْكُمِّ يَجِبُ الْقَطْعُ، لِأَنَّهُ لَمَّا حَلَّ الرِّبَاطَ الَّذِي كَانَ خَارِجَ الْكُمِّ وَقَعَتْ الدَّرَاهِمُ فِي الْكُمِّ فَاحْتَاجَ فِي أَخْذِ الدَّرَاهِمِ إلَى إدْخَالِ الْيَدِ فِي الْكُمِّ، فَلَمَّا أَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ مِنْ الْكُمِّ فَقَدْ هَتَكَ الْحِرْزَ. بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ حَلَّ الرِّبَاطَ فِي دَاخِلِ الْكُمِّ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ، لِأَنَّهُ لَمَّا حَلَّ الرِّبَاطَ فِي دَاخِلِ الْكُمِّ بَقِيَتْ الدَّرَاهِمُ خَارِجَ الْكُمِّ ظَاهِرَةً مَحْلُولَةً، فَكَانَ الْأَخْذُ مِنْ خَارِجِ الْكُمِّ فَلَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ لَمْ يَهْتِكْ الْحِرْزَ فِي أَخْذِ الْمَالِ، لِأَنَّهُ وَإِنْ أَدْخَلَ الْيَدَ فِي الْكُمِّ إلَّا أَنَّهُ أَدْخَلَهَا لِحَلِّ الرِّبَاطِ لَا لِأَخْذِ الْمَالِ مِنْ الْكُمِّ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ يَنْعَكِسُ الْجَوَابُ لِانْعِكَاسِ الْعِلَّةِ.
وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُ يَعْتَمِدُهُ) أَيْ لِأَنَّ صَاحِبَ الْكُمِّ يَعْتَمِدُ الْكُمَّ فِي حِفْظِ الْمَالِ لَا قِيَامَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute