(وَإِذَا كَانَ السَّارِقُ أَشَلَّ الْيَدِ الْيُسْرَى أَوْ أَقْطَعَ أَوْ مَقْطُوعَ الرِّجْلِ الْيُمْنَى لَمْ يُقْطَعْ) لِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتَ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ بَطْشًا أَوْ مَشْيًا، وَكَذَا إذَا كَانَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى شَلَّاءَ لِمَا قُلْنَا (وَكَذَا إذَا كَانَتْ إبْهَامُهُ الْيُسْرَى مَقْطُوعَةً أَوْ شَلَّاءَ أَوْ الْأُصْبُعَانِ مِنْهَا سِوَى الْإِبْهَامِ) لِأَنَّ قِوَامَ الْبَطْشِ بِالْإِبْهَامِ (فَإِنْ كَانَتْ أُصْبُعٌ وَاحِدَةٌ سِوَى الْإِبْهَامِ مَقْطُوعَةً أَوْ شَلَّاءَ قُطِعَ) لِأَنَّ فَوَاتَ الْوَاحِدَةِ لَا يُوجِبُ خَلَلًا ظَاهِرًا فِي الْبَطْشِ، بِخِلَافِ فَوَاتِ الْأُصْبُعَيْنِ لِأَنَّهُمَا يَتَنَزَّلَانِ مَنْزِلَةَ الْإِبْهَامِ فِي نُقْصَانِ الْبَطْشِ.
قَالَ (وَإِذَا قَالَ الْحَاكِمُ لِلْحَدَّادِ اقْطَعْ يَمِينَ هَذَا فِي سَرِقَةٍ سَرَقَهَا فَقَطَعَ يَسَارَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَالَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ وَيَضْمَنُ فِي الْعَمْدِ) وَقَالَ زُفَرُ ﵀: يَضْمَنُ فِي الْخَطَأِ أَيْضًا وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَالْمُرَادُ بِالْخَطَأِ هُوَ الْخَطَأُ فِي الِاجْتِهَادِ،
وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتَ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ بَطْشًا) يَعْنِي إنْ كَانَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى مُؤَفَّةً (أَوْ مَشْيًا) إنْ كَانَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى كَذَلِكَ وَبَاقِي كَلَامِهِ ظَاهِرٌ.
قَالَ (وَإِذَا قَالَ الْحَاكِمُ لِلْحَدَّادِ اقْطَعْ يَمِينَ هَذَا السَّارِقِ) الْحَدَّادُ هُوَ الَّذِي يُقِيمُ الْحَدَّ فَعَّالٌ مِنْهُ كَالْجَلَّادِ مِنْ الْجَلْدِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ يَمِينَ هَذَا لِأَنَّهُ إذَا قَالَ اقْطَعْ يَدَهُ مُطْلَقًا فَقَطَعَ الْحَدَّادُ يَدَهُ الْيُسْرَى فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا أَمَرَهُ بِهِ. فَإِنَّهُ أَمَرَهُ بِقَطْعِ الْيَدِ وَالْيُسْرَى يَدٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ مَا إذَا قَطَعَ الْيَمِينَ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ لَهُ اقْطَعْ. وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْيَدِ قَدْ سَقَطَتْ بِقَضَاءِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ. فَالْقَاطِعُ اسْتَوْفَى يَدًا لَا قِيمَةَ لَهَا فَلَمْ يَكُنْ ضَامِنًا، لَكِنْ أَدَّبَهُ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ أَسَاءَ الْأَدَبَ حِينَ قَطَعَهُ قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ الْإِمَامُ بِهِ وَكَلَامُهُ وَاضِحٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute