للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ كَانَتْ شُبْهَةُ الْإِذْنِ فِي دُخُولِ الْحِرْزِ ثَابِتَةً

(وَإِنْ قُطِعَ سَارِقٌ بِسَرِقَةٍ فَسُرِقَتْ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَا لِرَبِّ السَّرِقَةِ أَنْ يَقْطَعَ السَّارِقَ الثَّانِي) لِأَنَّ الْمَالَ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ فِي حَقِّ السَّارِقِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ بِالْهَلَاكِ فَلَمْ تَنْعَقِدْ مُوجِبَةً فِي نَفْسِهَا، وَلِلْأَوَّلِ وِلَايَةُ الْخُصُومَةِ فِي الِاسْتِرْدَادِ فِي رِوَايَةٍ لِحَاجَتِهِ إذْ الرَّدُّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ

فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ) وَقَيَّدَ بِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ احْتِرَازًا عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمَالِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْطَعَهُ حَالَ غَيْبَةِ الْمُودِعِ لِأَنَّ السَّارِقَ لَمْ يَسْرِقْ مِنْ الْمَالِكِ وَإِنَّمَا سُرِقَ مِنْ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُطَالِبَ بِذَلِكَ غَيْرُهُ. فَإِنْ قِيلَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. وَبَيْنَ مَا إذَا أَقَرَّ السَّارِقُ بِالسَّرِقَةِ فِي غَيْبَةِ الْمَالِكِ حَيْثُ لَا يُقْطَعُ مَا لَمْ يَحْضُرْ مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ الْمَذْكُورَةَ وَهُوَ قَوْلُهُ إنَّ السَّرِقَةَ مُوجِبَةٌ لِلْقَطْعِ فِي نَفْسِهَا وَقَدْ ظَهَرَتْ عِنْدَ الْقَاضِي بِحُجَّةٍ شَرْعِيَّةٍ وَهِيَ الْإِقْرَارُ مَوْجُودَةٌ وَشُبْهَةُ الْإِذْنِ بِالدُّخُولِ فِي الْحِرْزِ أَوْ الْإِقْرَارِ بِالْمَسْرُوقِ لِلسَّارِقِ مَوْهُومَةُ الِاعْتِرَاضِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُقْطَعُ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْفَرْقَ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ قَدْ ظَهَرَتْ فِيهِ السَّرِقَةُ عَقِيبَ خُصُومَةٍ مُعْتَبَرَةٍ فَلَمْ تُؤَثِّرْ الشُّبْهَةُ فِي دَفْعِ الْعِلَّةِ عَنْ مُقْتَضَاهَا لِقُوَّتِهَا، بِخِلَافِ صُورَةِ الْإِقْرَارِ فَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ. .

قَالَ (وَإِنْ قُطِعَ سَارِقٌ بِسَرِقَةٍ) الْمَسْرُوقُ إذَا سُرِقَ مِنْ السَّارِقِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ أَنْ قُطِعَ يَدُهُ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ لَمْ يَكُنْ لَهُ: أَيْ لِلسَّارِقِ وَلَا لِلْمَالِكِ أَنْ يَقْطَعَ يَدَ السَّارِقِ الثَّانِي، أَمَّا السَّارِقُ فَلِوَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا (أَنَّ الْمَالَ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ فِي حَقِّهِ حَتَّى لَا يَجِبَ الضَّمَانُ بِالْهَلَاكِ فَلَمْ تَنْعَقِدْ مُوجِبَةً فِي نَفْسِهَا) وَالثَّانِيَ أَنَّ يَدَهُ لَمْ تَبْقَ مِنْ الْأَيْدِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مِنْ مِلْكٍ وَضَمَانٍ الْوَدِيعَةٍ وَخُصُومَةٍ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ لَا تُعْتَبَرُ فِي الْقَطْعِ وَأَمَّا الْمَالِكُ فَلِلْوَجْهِ الْأَوَّلِ.

وَقَوْلُهُ (وَلِلْأَوَّلِ) أَيْ السَّارِقِ الْأَوَّلِ (وِلَايَةُ الْخُصُومَةِ فِي الِاسْتِرْدَادِ فِي رِوَايَةٍ لِحَاجَتِهِ إذْ الرَّدُّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ) وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لِأَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ بِصَحِيحَةٍ لِكَوْنِ الْيَدِ الصَّحِيحَةِ عِبَارَةً عَنْ أَنْ تَكُونَ يَدَ مَالِكٍ أَوْ ضَمَانٍ أَوْ أَمَانَةٍ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ يُقْطَعُ بِخُصُومَةِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ سُقُوطَ التَّقَوُّمِ كَانَ لِضَرُورَةِ الْقَطْعِ، وَكَذَا خُرُوجُ يَدِهِ عَنْ كَوْنِهَا يَدَ ضَمَانٍ كَانَ لِذَلِكَ وَقَدْ انْتَفَى ذَلِكَ فَصَارَ كَالْغَاصِبِ وَالدَّرْءُ بِالشُّبْهَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>