للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي اكْتِفَائِهِ بِالْإِقَامَةِ (فَإِنْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ أَذَّنَ لِلْأُولَى وَأَقَامَ) لَمَا رَوَيْنَا (وَكَانَ مُخَيَّرًا فِي الْبَاقِي، إنْ شَاءَ أَذَّنَ وَأَقَامَ) لِيَكُونَ الْقَضَاءُ عَلَى حَسَبِ الْأَدَاءِ (وَإِنْ شَاءَ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِقَامَةِ) لِأَنَّ الْأَذَانَ لِلِاسْتِحْضَارِ وَهُمْ حُضُورٌ. قَالَ : وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُقِيمُ لِمَا بَعْدَهَا وَلَا يُؤَذِّنُ، قَالُوا: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا.

(وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ عَلَى طُهْرٍ، فَإِنْ أَذَّنَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ جَازَ) لِأَنَّهُ ذِكْرٌ وَلَيْسَ بِصَلَاةٍ فَكَانَ الْوُضُوءُ فِيهِ اسْتِحْبَابًا كَمَا فِي الْقِرَاءَةِ

حِينَ شَاءَ، يَا بِلَالُ قُمْ فَأَذِّنْ النَّاسَ بِالصَّلَاةِ فَتَوَضَّأْ، فَلَمَّا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ وَابْيَضَّتْ قَامَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ جَمَاعَةً» (وَهُوَ) أَيْ قَضَاءُ النَّبِيِّ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ (حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي اكْتِفَائِهِ بِالْإِقَامَةِ) لَا يُقَالُ: قَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ بِدُونِ ذِكْرِ الْأَذَانِ؛ لِأَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ، فَالْعَمَلُ بِالزِّيَادَةِ أَوْلَى، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ رَاوِيهِمَا وَاحِدًا وَلَمْ يَثْبُتْ هَاهُنَا ذَلِكَ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ الرَّاوِيَ إذَا كَانَ مُتَعَدِّدًا إنَّمَا يُعْمَلُ بِالْخَبَرَيْنِ إذَا أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِهِمَا، وَهَاهُنَا لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ (فَإِنْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ أَذَّنَ لِلْأُولَى وَأَقَامَ لِمَا رَوَيْنَا) مِنْ حَدِيثِ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ (وَكَانَ مُخَيَّرًا فِي الْبَاقِي إنْ شَاءَ أَذَّنَ وَأَقَامَ) لِيَكُونَ الْقَضَاءُ عَلَى حَسَبِ الْأَدَاءِ (وَإِنْ شَاءَ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِقَامَةِ)؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ لِلِاسْتِحْضَارِ وَهُمْ حُضُورٌ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ. فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَ الرِّفْقُ مُتَعَيِّنًا فِي أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ فَلَا تَخْيِيرَ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي قَصْرِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ وَهَاهُنَا الرِّفْقُ مُتَعَيِّنٌ فِي الْإِقَامَةِ فَمَا وَجْهُ التَّخْيِيرِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ الْوَاجِبَيْنِ لَا فِي السُّنَنِ وَالتَّطَوُّعَاتِ.

قَالَ (وَعَنْ مُحَمَّدٍ) رُوِيَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ عَنْ مُحَمَّدٍ: إذَا فَاتَتْ صَلَوَاتٌ تُقْضَى الْأُولَى بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، وَالْبَوَاقِي بِالْإِقَامَةِ دُونَ الْأَذَانِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ (يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَوْلَهُمْ جَمِيعًا) وَالْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ فَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ بَيْنَ أَصْحَابِنَا.

قَالَ (وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ عَلَى طُهْرٍ)؛ لِأَنَّ لَهُمَا شَبَهًا بِالصَّلَاةِ عَلَى مَا سَيَأْتِي، فَإِنْ أَذَّنَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ جَازَ بِلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>