(فَإِنْ سَرَقَ ثَوْبًا فَصَبْغَهُ أَحْمَرَ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ الثَّوْبُ وَلَمْ يَضْمَنْ قِيمَةَ الثَّوْبِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يُؤْخَذُ مِنْهُ الثَّوْبُ وَيُعْطَى مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ) اعْتِبَارًا بِالْغَصْبِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا كَوْنُ الثَّوْبِ أَصْلًا قَائِمًا وَكَوْنُ الصَّبْغِ تَابِعًا. وَلَهُمَا أَنَّ الصَّبْغَ قَائِمٌ صُورَةً وَمَعْنًى، حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَخْذَهُ مَصْبُوغًا يَضْمَنُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِيهِ، وَحَقُّ الْمَالِكِ فِي الثَّوْبِ قَائِمٌ صُورَةً لَا مَعْنًى؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى السَّارِقِ بِالْهَلَاكِ فَرَجَّحْنَا جَانِبَ السَّارِقِ، بِخِلَافِ الْغَصْبِ، لِأَنَّ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَائِمٌ صُورَةً وَمَعْنًى فَاسْتَوَيَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَرَجَّحْنَا جَانِبَ الْمَالِكِ بِمَا ذَكَرْنَا (وَإِنْ صَبَغَهُ أَسْوَدَ
وَقَوْلُهُ (فَإِنْ سَرَقَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ أَحْمَرَ) قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ سَرَقَ ثَوْبًا فَقُطِعَ فِيهِ ثُمَّ صَبَغَهُ أَحْمَرَ إلَخْ، فَإِنَّ لَفْظَ رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي السَّارِقِ يَسْرِقُ الثَّوْبَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ وَقَدْ صَبَغَ الثَّوْبَ أَحْمَرَ قَالَ: لَيْسَ لِصَاحِبِهِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى السَّارِقِ. وَهَذَا كَمَا تَرَى لَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ صَبَغَهُ لِأَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ وَهِيَ لَا تَدُلُّ عَلَى التَّعْقِيبِ، وَلَكِنْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ (أَلَا تَرَى أَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ إلَى آخِرِهِ) إنَّمَا يَسْتَقِيمُ إذَا كَانَتْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ مَا قَالَ، وَتَحْرِيرُ الْمَذْهَبَيْنِ وَاعْتِبَارُ مُحَمَّدٍ وَاضِحٌ. وَقَوْلُهُ (وَلَهُمَا) أَيْ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ (أَنَّ الصَّبْغَ قَائِمٌ صُورَةً وَمَعْنًى) أَمَّا صُورَةً فَظَاهِرٌ فَإِنَّ الْحُمْرَةَ فِيهِ مَحْسُوسَةٌ، وَأَمَّا مَعْنًى فَلِأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ لَوْ أَخَذَ الثَّوْبَ مَصْبُوغًا ضَمِنَ الصَّبْغَ (وَحَقُّ الْمَالِكِ فِي الثَّوْبِ قَائِمٌ صُورَةً) لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الِاسْتِرْدَادِ (لَا مَعْنًى) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى السَّارِقِ بِالْهَلَاكِ أَوْ الِاسْتِهْلَاكِ، فَكَانَ جَانِبُ السَّارِقِ مُرَجَّحًا كَالْمَوْهُوبِ لَهُ إذَا صَبَغَ فَإِنَّ حَقَّ الْوَاهِبِ يَنْقَطِعُ عَنْهُ (بِخِلَافِ) مَسْأَلَةِ (الْغَصْبِ) يَعْنِي الَّتِي اعْتَبَرَ بِهَا صُورَةَ النِّزَاعِ (لِأَنَّ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَائِمٌ صُورَةً وَمَعْنًى فَاسْتَوَيَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) يَعْنِي الْوُجُودَ (فَرَجَّحْنَا جَانِبَ الْمَالِكِ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ كَوْنِ الثَّوْبِ أَصْلًا قَائِمًا وَكَوْنِ الصَّبْغِ تَابِعًا) وَإِنْ صَبَغَهُ أَسْوَدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute