وَعَنْهُ إنْ قَاتَلُوا نَهَارًا بِالسِّلَاحِ أَوْ لَيْلًا بِهِ أَوْ بِالْخَشَبِ فَهُمْ قُطَّاعُ الطَّرِيقِ لِأَنَّ السِّلَاحَ لَا يَلْبَثُ وَالْغَوْثُ يُبْطِئُ بِاللَّيَالِيِ، وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّ قَطْعَ الطَّرِيقِ بِقَطْعِ الْمَارَّةِ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ وَيَقْرُبُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لُحُوقُ الْغَوْثِ، إلَّا أَنَّهُمْ يُؤْخَذُونَ بِرَدِّ الْمَالِ أَيْضًا لَا لِلْحَقِّ إلَى الْمُسْتَحِقِّ، وَيُؤَدَّبُونَ وَيُحْبَسُونَ لِارْتِكَابِهِمْ الْجِنَايَةَ، وَلَوْ قَتَلُوا فَالْأَمْرُ فِيهِ إلَى الْأَوْلِيَاءِ لِمَا بَيَّنَّا
(وَمَنْ خَنَقَ رَجُلًا حَتَّى قَتَلَهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ، وَسَنُبَيِّنُ فِي بَابِ الدِّيَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَإِنْ خَنَقَ فِي الْمِصْرِ غَيْرَ مَرَّةٍ قُتِلَ بِهِ)؛ لِأَنَّهُ صَارَ سَاعِيًا فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ فَيُدْفَعُ شَرُّهُ بِالْقَتْلِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
كَمَا إذَا سَرَقَ الْخَمْرَ وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَأَمَّا وُجُودُ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ فَيُورِثُ شُبْهَةً فِي الْحِرْزِ؛ لِأَنَّ الْقَافِلَةَ بِمَنْزِلَةِ بَيْتٍ وَاحِدٍ فَكَانَ هَذَا كَقَرِيبٍ سَرَقَ مَالَ الْقَرِيبِ وَمَالَ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ بَيْتِ الْقَرِيبِ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ لِشُبْهَةٍ تَمَكَّنَتْ فِي الْحِرْزِ.
وَقَوْلُهُ (وَمَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي الْمِصْرِ وَبِقُرْبٍ مِنْهُ) قَدْرُ الْبُعْدِ بَيْنَ الْمِصْرَيْنِ وَبَيْنَ الْقُطَّاعِ مَسِيرَةُ سَفَرٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَقَوْلُهُ (لِمَا بَيَّنَّا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ لِظُهُورِ حَقِّ الْعَبْدِ.
وَقَوْلُهُ (وَمَنْ خَنَقَ رَجُلًا) بِالتَّخْفِيفِ مِنْ خَنَقَهُ إذَا عَصَرَ حَلْقَهُ، وَالْخِنَاقُ فَاعِلُهُ وَمَصْدَرُهُ الْخَنِقُ بِكَسْرِ النُّونِ وَلَا يُقَالُ بِالسُّكُونِ، كَذَا عَنْ الْفَارَابِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute