للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُثْلَةُ الْمَرْوِيَّةُ فِي قِصَّةِ الْعُرَنِيِّينَ مَنْسُوخَةٌ بِالنَّهْيِ الْمُتَأَخِّرِ هُوَ الْمَنْقُولُ

(وَلَا يَقْتُلُوا امْرَأَةً وَلَا صَبِيًّا وَلَا شَيْخًا فَانِيًا وَلَا مُقْعَدًا وَلَا أَعْمَى) لِأَنَّ الْمُبِيحَ لِلْقَتْلِ عِنْدَنَا هُوَ الْحِرَابُ وَلَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُمْ، وَلِهَذَا لَا يَقْتُلُ يَابِسُ الشَّقِّ وَالْمَقْطُوعُ الْيُمْنَى وَالْمَقْطُوعُ يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ. وَالشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَيْهِ يُخَالِفُنَا فِي الشَّيْخِ الْفَانِي وَالْمُقْعَدِ وَالْأَعْمَى

وَقَوْلُهُ (وَالْمُثْلَةُ الْمَرْوِيَّةُ) يُقَالُ مَثَّلْت بِالرَّجُلِ أُمَثِّلُ بِهِ مَثَلًا وَمُثْلَةً إذَا سَوَّدْت وَجْهَهُ أَوْ قَطَعْت أَنْفَهُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَقِصَّةُ مُثْلَةِ الْعُرَنِيِّينَ مَشْهُورَةٌ وَقَدْ اُنْتُسِخَتْ بِالنَّهْيِ الْمُتَأَخِّرِ. رَوَى عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ مَا قَامَ فِينَا خَطِيبًا بَعْدَمَا مُثِّلَ بِالْعُرَنِيِّينَ إلَّا كَانَ يَحُثُّنَا عَلَى الصَّدَقَةِ وَيَنْهَانَا عَنْ الْمُثْلَةِ» فَتَخْصِيصُهُ بِالذِّكْرِ فِي كُلِّ خُطْبَةٍ دَلِيلٌ عَلَى تَأْكِيدِ الْحُرْمَةِ.

وَقَوْلُهُ (وَلَا شَيْخًا فَانِيًا) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: هَذَا الْجَوَابُ فِي الشَّيْخِ الْكَبِيرِ الْفَانِي الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِتَالِ وَلَا عَلَى الصِّيَاحِ عِنْدَ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِحْبَالِ وَلَا يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالتَّدْبِيرِ، أَمَّا إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ يُقْتَلُ لِأَنَّهُ بِقِتَالِهِ مُحَارِبٌ وَبِصِيَاحِهِ مُحَرِّضٌ عَلَى الْقِتَالِ وَبِالْإِحْبَالِ يَكْثُرُ الْمُحَارِبُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>