قَاتَلَ مِنْ هَؤُلَاءِ دَفْعَا لِشَرِّهِ، وَلِأَنَّ الْقِتَالَ مُبِيحٌ حَقِيقَةً
(وَلَا يَقْتُلُ مَجْنُونًا) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ فَيُقْتَلَ دَفْعًا لِشَرِّهِ، غَيْرَ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ يُقْتَلَانِ مَا دَامَا يُقَاتِلَانِ، وَغَيْرُهُمَا لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ بَعْدَ الْأَسْرِ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْعُقُوبَةِ لِتَوَجُّهِ الْخِطَابِ نَحْوَهُ، وَإِنْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَهُوَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ كَالصَّحِيحِ
(وَيُكْرَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ الرَّجُلُ أَبَاهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَيَقْتُلَهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ وَلِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إحْيَاؤُهُ بِالْإِنْفَاقِ فَيُنَاقِضُهُ الْإِطْلَاقُ فِي إفْنَائِهِ (فَإِنْ أَدْرَكَهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْتُلَهُ غَيْرُهُ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ اقْتِحَامِهِ الْمَأْثَمَ، وَإِنْ قَصَدَ الْأَبُ قَتْلَهُ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ إلَّا بِقَتْلِهِ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الدَّفْعُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ شَهَرَ الْأَبُ الْمُسْلِمُ سَيْفَهُ عَلَى ابْنِهِ وَلَا يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ إلَّا بِقَتْلِهِ يَقْتُلهُ لِمَا بَيَّنَّا فَهَذَا أَوْلَى، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
قَتَلَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ وَكَانَ ابْنَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً» وَفِي رِوَايَةٍ «ابْنَ مِائَةٍ وَسِتِّينَ سَنَةً» لِأَنَّهُ كَانَ صَاحِبَ رَأْيٍ
(قَوْلُهُ فَهُوَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ كَالصَّحِيحِ) يَعْنِي يُقْتَلُ سَوَاءٌ قَاتَلَ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ كَالصَّحِيحِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ، لَكِنَّهُ إنَّمَا يُقْتَلُ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ لِأَنَّهُ مِمَّنْ يُقَاتِلُ وَيُخَاطِبُ.
(قَوْلُهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ) أَيْ يَقِفُ عِنْدَهُ وَيُعَالِجُهُ فَيَضْرِبُ قَوَائِمَ فَرَسِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ (لِمَا بَيَّنَّا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الدَّفْعُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute