للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا يَأْخُذُ عَلَيْهِ مَالًا) لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ لِمَا نُبَيِّنُ (وَلَوْ أَخَذَهُ لَمْ يَرُدَّهُ) لِأَنَّهُ مَالٌ غَيْرُ مَعْصُومٍ.

وَلَوْ حَاصَرَ الْعَدُوُّ الْمُسْلِمِينَ وَطَلَبُوا الْمُوَادَعَةَ عَلَى مَالٍ يَدْفَعُهُ الْمُسْلِمُونَ إلَيْهِمْ لَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ لِمَا فِيهِ مِنْ إعْطَاءِ الدَّنِيَّةِ وَإِلْحَاقِ الْمَذَلَّةِ بِأَهْلِ الْإِسْلَامِ إلَّا إذَا خَافَ الْهَلَاكَ،

وَهُوَ الْمَأْخُوذُ بَعْدَ الْفَتْحِ بِالْقِتَالِ.

وَقَوْلُهُ (لِمَا فِيهِ مِنْ إعْطَاءِ الدَّنِيَّةِ) أَيْ النَّقِيصَةِ. وَقَوْلُهُ (إلَّا إذَا خَافَ الْهَلَاكَ) يَعْنِي عَلَى نَفْسِهِ وَنَفْسِ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِدَفْعِ الْمَالِ؛ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا أَحَاطُوا بِالْخَنْدَقِ وَصَارَ الْمُسْلِمُونَ إلَى مَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى» هُنَالِكَ اُبْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ إلَى عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَنْ مَعَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثَ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ، فَأَبَى إلَّا النِّصْفَ، فَلَمَّا حَضَرَ رُسُلُهُ لِيَكْتُبُوا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ قَامَ سَيِّدَا الْأَنْصَارِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ كَانَ عَنْ وَحْيٍ فَامْضِ لِمَا أُمِرْت بِهِ، وَإِنْ كَانَ رَأْيًا رَأَيْته فَقَدْ كُنَّا نَحْنُ وَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَكُنْ لَنَا وَلَا لَهُمْ دِينٌ وَكَانُوا لَا يَطْمَعُونَ فِي ثِمَارِ الْمَدِينَةِ إلَّا بِشِرَاءٍ أَوْ قِرًى؛ فَإِذَا أَعَزَّنَا اللَّهُ بِالدِّينِ وَبَعَثَ إلَيْنَا رَسُولَهُ نُعْطِيهِمْ الدَّنِيَّةَ، لَا نُعْطِيهِمْ إلَّا السَّيْفَ، فَقَالَ : إنِّي رَأَيْت الْعَرَبَ رَمَتْكُمْ عَنْ قَوْسٍ وَاحِدَةٍ فَأَحْبَبْت أَنْ أَصْرِفَهُمْ عَنْكُمْ، فَإِنْ أَبَيْتُمْ ذَلِكَ فَأَنْتُمْ وَذَاكَ، اذْهَبُوا فَلَا نُعْطِيكُمْ إلَّا السَّيْفَ» فَقَدْ مَالَ رَسُولُ اللَّهِ إلَى الصُّلْحِ فِي الِابْتِدَاءِ لَمَّا أَحَسَّ الضَّعْفَ بِالْمُسْلِمِينَ، فَحِينَ رَأَى الْقُوَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>