(وَلَا يُقَسِّمُ غَنِيمَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ حَتَّى يُخْرِجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. وَأَصْلُهُ أَنَّ الْمِلْكَ لِلْغَانِمِينَ لَا يَثْبُتُ قَبْلَ الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَهُ يَثْبُتُ وَيَبْتَنِي عَلَى هَذَا الْأَصْلِ عِدَّةٌ مِنْ الْمَسَائِلِ ذَكَرْنَاهَا فِي الْكِفَايَةِ. لَهُ أَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ الِاسْتِيلَاءُ إذَا وَرَدَ عَلَى مَالٍ مُبَاحٍ فِي الصَّيُودِ، وَلَا مَعْنَى لِلِاسْتِيلَاءِ سِوَى إثْبَاتِ الْيَدِ وَقَدْ تَحَقَّقَ. وَلَنَا أَنَّهُ ﵊ «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَنِيمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ»، وَالْخِلَافُ ثَابِتٌ فِيهِ، وَالْقِسْمَةُ بَيْعٌ مَعْنًى فَتَدْخُلُ تَحْتَهُ، وَلِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ إثْبَاتُ الْيَدِ الْحَافِظَةِ وَالنَّاقِلَةِ وَالثَّانِي مُنْعَدِمٌ لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى الِاسْتِنْقَاذِ وَوُجُودِهِ ظَاهِرًا.
قَالَ (وَلَا يَقْسِمُ غَنِيمَةً فِي دَارِ الْحَرْبِ) قِسْمَةُ الْغَنِيمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا تَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ جَازَ، وَالتَّأْخِيرُ إلَى الْخُرُوجِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَحَبُّ إلَيَّ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵁: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ. وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ لِلْغَانِمِينَ قَبْلَ الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَهُ يَثْبُتُ. وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْأَصْلِ عِدَّةٌ مِنْ الْمَسَائِلِ ذَكَرْنَاهَا فِي الْكِفَايَةِ) أَيْ كِفَايَةِ الْمُنْتَهَى. مِنْهَا أَنَّ الْإِمَامَ إذَا بَاعَ شَيْئًا مِنْ الْغَنَائِمِ لَا لِحَاجَةِ الْغُزَاةِ أَوْ بَاعَ أَحَدُ الْغُزَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَنَا لِعَدَمِ الْمِلْكِ، وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ أَحَدُهُمْ شَيْئًا فِي دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمْ لَا يُورَثُ سَهْمُهُ، وَلَوْ لَحِقَ الْجَيْشَ مَدَدٌ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ شَارَكُوهُمْ فِي الْغَنِيمَةِ.
وَقَوْلُهُ (لَهُ أَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ) ظَاهِرٌ. قَوْلُهُ (وَالثَّانِي) أَيْ إثْبَاتُ الْيَدِ النَّاقِلَةِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ (مُنْعَدِمٌ لِقُدْرَتِهِمْ) أَيْ لِقُدْرَةِ الْكَفَرَةِ عَلَى الِاسْتِنْقَاذِ (وَوُجُودِهِ) أَيْ وُجُودِ الِاسْتِنْقَاذِ (ظَاهِرًا) لِكَوْنِ الْمُسْلِمِينَ فِي دِيَارِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute