للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ثُمَّ لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَقَالَا: لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ) وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ أَسْهَمَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا» وَلِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْغِنَاءِ وَغِنَاؤُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْثَالِ الرَّاجِلِ؛ لِأَنَّهُ لِلْكَرِّ وَالْفَرِّ وَالثَّبَاتِ، وَالرَّاجِلُ لِلثَّبَاتِ لَا غَيْرُ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ أَعْطَى الْفَارِسَ سَهْمَيْنِ وَالرَّاجِلَ سَهْمًا» فَتَعَارَضَ فِعْلَاهُ، فَيُرْجَعُ إلَى قَوْلِهِ وَقَدْ قَالَ «لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ» كَيْفَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «أَنَّ النَّبِيَّ قَسَّمَ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ»

ثُمَّ كَيْفِيَّةُ الْقِسْمَةِ أَنْ يُعْطِيَ الْفَارِسَ سَهْمَيْنِ وَالرَّاجِلَ سَهْمًا (عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ . وَقَالَا: وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ لِلْفَارِسِ: ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ) وَرَوَوْا فِي ذَلِكَ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ وَالْغِنَاءِ بِالْمَدِّ وَالْفَتْحِ الْإِجْزَاءُ وَالْكِفَايَةُ وَالْكَرُّ الْحَمَلَةُ وَالْفَرُّ بِمَعْنَى الْفِرَارِ، وَالْفِرَارُ إذَا كَانَ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ الْكَرُّ أَشَدَّ كَانَ مِنْ الْجِهَادِ، وَالْفِرَارُ فِي مَوْضِعِهِ مَحْمُودٌ لِئَلَّا يَرْتَكِبَ الْمَنْهِيَّ الْمَذْكُورَ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ) وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَكِنْ طَرِيقَةُ اسْتِدْلَالِهِ مُخَالِفَةٌ لِقَوَاعِدِ الْأُصُولِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الدَّلِيلَيْنِ إذَا تَعَارَضَا وَتَعَذَّرَ التَّوْفِيقُ وَالتَّرْجِيحُ يُصَارُ إلَى مَا بَعْدَهُ لَا إلَى مَا قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ فَتَعَارَضَ فِعْلَاهُ فَيَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَالْمَسْلَكُ الْمَعْهُودُ فِي مِثْلِهِ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ وَيَقُولُ فِعْلُهُ لَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ لِكَوْنِ الْقَوْلِ أَقْوَى بِالِاتِّفَاقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>