للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَكَذَا رَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَنَا حَالَةُ الْمُجَاوَزَةِ، وَعِنْدَهُ حَالَةُ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ لَهُ أَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْقَهْرُ وَالْقِتَالُ فَيُعْتَبَرُ حَالُ الشَّخْصِ عِنْدَهُ وَالْمُجَاوَزَةُ وَسِيلَةٌ إلَى السَّبَبِ كَالْخُرُوجِ مِنْ الْبَيْتِ، وَتَعْلِيقِ الْأَحْكَامِ بِالْقِتَالِ يَدُلُّ عَلَى إمْكَانِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَعَذَّرَ أَوْ تَعَسَّرَ تَعَلَّقَ بِشُهُودِ الْوَقْعَةِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْقِتَالِ.

وَلَنَا أَنَّ الْمُجَاوَزَةَ نَفْسَهَا قِتَالٌ لِأَنَّهُ يَلْحَقُهُمْ الْخَوْفُ بِهَا وَالْحَالُ بَعْدَهَا حَالَةُ الدَّوَامِ

وَقْتُ مُجَاوَزَةِ الدَّرْبِ عِنْدَنَا. وَقَوْلُهُ (وَهَكَذَا) أَيْ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ (رَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي) يَعْنِي مَا إذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ رَاجِلًا ثُمَّ اشْتَرَى فَرَسًا وَقَاتَلَ فَارِسًا، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَسْتَحِقُّ سَهْمَ الْفُرْسَانِ (وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَنَا فِي وَقْتِ إقَامَةِ السَّبَبِ مَقَامَ ذَلِكَ حَالَةَ الْمُجَاوَزَةِ) أَيْ مُجَاوَزَةِ الدَّرْبِ. قَالَ الْخَلِيلُ: الدَّرْبُ الْبَابُ الْوَاسِعُ عَلَى السِّكَّةِ وَعَلَى كُلِّ مَدْخَلٍ مِنْ مَدَاخِلِ الرُّومِ دَرْبٌ مِنْ دُرُوبِهَا، لَكِنْ الْمُرَادُ بِالدَّرْبِ هَاهُنَا هُوَ الْبَرْزَخُ الْحَاجِزُ بَيْنَ الدَّارَيْنِ دَارِ الْإِسْلَامِ وَدَارِ الْحَرْبِ، حَتَّى لَوْ جَاوَزْت الدَّرْبَ دَخَلْت فِي حَدِّ دَارِ الْحَرْبِ، وَلَوْ جَاوَزَ أَهْلُ دَارِ الْحَرْبِ الدَّرْبَ دَخَلُوا فِي حَدِّ دَارِ الْإِسْلَامِ (وَعِنْدَهُ حَالَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ) أَيْ تَمَامُهَا وَهَذِهِ رِوَايَةٌ عَنْهُ، وَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ مُجَرَّدَ شُهُودِ الْوَقْعَةِ، وَدَلِيلُهُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ الْمُصَنِّفُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ حَالَ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ إلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَبِالدَّلِيلِ إلَى الْأُخْرَى لِأَنَّ قَوْلَهُ (يُعْتَبَرُ حَالُ الشَّخْصِ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْقِتَالِ إشَارَةٌ إلَى حَالِ شُهُودِ الْوَقْعَةِ لَا إلَى حَالِ انْقِضَائِهَا. وَقَوْلُهُ (وَالْمُجَاوَزَةُ وَسِيلَةٌ) رَدٌّ لِمَذْهَبِنَا. وَقَوْلُهُ (كَالْخُرُوجِ مِنْ مَبِيتٍ) يَعْنِي لِلْقِتَالِ، فَإِنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى السَّبَبِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِهِ فِي اعْتِبَارِ حَالِ الْغَازِي مِنْ كَوْنِهِ رَاجِلًا أَوْ فَارِسًا، وَكَذَلِكَ فِي هَذِهِ الْوَسِيلَةِ.

وَقَوْلُهُ (وَتَعْلِيقُ الْأَحْكَامِ) جَوَابٌ عَمَّا سَنَذْكُرُ فِي تَعْلِيلِنَا أَنَّ الْوُقُوفَ عَلَى حَقِيقَةِ الْقِتَالِ مُتَعَسِّرٌ. وَبَيَانُهُ أَنَّ الْأَحْكَامَ تَعَلَّقَتْ بِوُجُودِ الْقِتَالِ حَقِيقَةً كَإِعْطَاءِ الرَّضْخِ لِلصَّبِيِّ إذَا قَاتَلَ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ وَالذِّمِّيُّ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مُتَعَسِّرًا لَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ. وَلَئِنْ سَلَّمْنَا عُسْرَهُ لَكِنْ يَجِبُ تَعَلُّقُ حُكْمِ كَوْنِهِ رَاجِلًا أَوْ فَارِسًا بِحَالَةٍ هِيَ أَقْرَبُ إلَى الْقِتَالِ وَهِيَ شُهُودُ الْوَقْعَةِ لَا مُجَاوَزَةُ الدَّرْبِ (وَلَنَا أَنَّ الْمُجَاوَزَةَ نَفْسَهَا قِتَالٌ) لِأَنَّ الْقِتَالَ اسْمٌ لِفِعْلٍ يَقَعُ بِهِ لِلْعَدُوِّ خَوْفٌ، وَمُجَاوَزَةُ الدَّرْبِ قَهْرًا، وَشَوْكَةٌ تَحْصُلُ لَهُمْ الْخَوْفُ فَكَانَ قِتَالًا. وَإِذَا وُجِدَ أَصْلُ الْقِتَالِ فَارِسًا لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُهُ بِتَغَيُّرِ أَحْوَالِهِمْ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ (حَالَةُ دَوَامِ الْقِتَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>