للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ الْعَبْدُ إنَّمَا يَرْضَخُ لَهُ إذَا قَاتَلَ لِأَنَّهُ دَخَلَ لِخِدْمَةِ الْمُوَلَّى فَصَارَ كَالتَّاجِرِ، وَالْمَرْأَةُ يَرْضَخُ لَهَا إذَا كَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى، وَتَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى لِأَنَّهَا عَاجِزَةٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْقِتَالِ فَيُقَامُ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الْإِعَانَةِ مَقَامَ الْقِتَالِ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى حَقِيقَةِ الْقِتَالِ، وَالذِّمِّيُّ إنَّمَا يَرْضَخُ لَهُ إذَا قَاتَلَ أَوْ دَلَّ عَلَى الطَّرِيقِ، وَلَمْ يُقَاتِلْ لِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً لِلْمُسْلِمِينَ، إلَّا أَنَّهُ يُزَادُ عَلَى السَّهْمِ فِي الدَّلَالَةِ إذَا كَانَتْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ عَظِيمَةٌ، وَلَا يَبْلُغُ بِهِ السَّهْمَ إذَا قَاتَلَ؛ لِأَنَّهُ جِهَادٌ، وَالْأَوَّلُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِهِ وَلَا يُسَوِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِ فِي حُكْمِ الْجِهَادِ.

قَوْلُهُ لِأَنَّهَا عَاجِزَةٌ عَنْ حَقِيقَةِ الْقِتَالِ) ظَاهِرٌ. وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَاجِزَةً لَمَا صَحَّ أَمَانُهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ مِمَّنْ يُخَافُ مِنْهُ الْقِتَالُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْقِتَالِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَمَانَ صِحَّتُهُ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْقُدْرَةِ عَلَى حَقِيقَةِ الْقِتَالِ، بَلْ تَثْبُتُ بِشُبْهَةِ الْقِتَالِ لِأَنَّهُ مِمَّا يَثْبُتُ بِالشُّبُهَاتِ وَهِيَ لَيْسَتْ بِعَاجِزَةٍ عَنْ شُبْهَةِ الْقِتَالِ بِمَالِهَا وَعَبِيدِهَا، وَأَمَّا السَّهْمُ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَإِنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِحَقِيقَةِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِتَالِ وَهِيَ عَاجِزَةٌ عَنْهَا (وَلَا يَبْلُغُ بِهِ السَّهْمُ إذَا قَاتَلَ لِأَنَّهُ جِهَادٌ) فَلَا يَبْلُغُ بِسَهْمِهِ سَهْمَ الْمُجَاهِدِينَ (وَالْأَوَّلُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِهِ) أَيْ الدَّلَالَةُ لَيْسَتْ مِنْ عَمَلِ الْجِهَادِ فَكَانَتْ عَمَلًا كَسَائِرِ الْأَعْمَالِ فَيَبْلُغُ

<<  <  ج: ص:  >  >>