وَمَا كَانَ مَعَ غُلَامِهِ عَلَى دَابَّةٍ أُخْرَى فَلَيْسَ بِسَلَبِهِ، ثُمَّ حُكْمُ التَّنْفِيلِ قَطَعَ حَقَّ الْبَاقِينَ، فَأَمَّا الْمِلْكُ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ الْإِحْرَازِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ لِمَا مَرَّ مِنْ قَبْلُ، حَتَّى لَوْ قَالَ الْإِمَامُ مَنْ أَصَابَ جَارِيَةً فَهِيَ لَهُ فَأَصَابَهَا مُسْلِمٌ وَاسْتَبْرَأَهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَكَذَا لَا يَبِيعُهَا. وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَيَبِيعَهَا، لِأَنَّ التَّنْفِيلَ يَثْبُتُ بِهِ الْمِلْكُ عِنْدَهُ كَمَا يَثْبُتُ بِالْقِسْمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَبِالشِّرَاءِ مِنْ الْحَرْبِيِّ، وَوُجُوبُ الضَّمَانِ بِالْإِتْلَافِ قَدْ قِيلَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ قَبْلُ) إشَارَةٌ إلَى مَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا بِقَوْلِهِ وَلِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ إثْبَاتُ الْيَدِ الْحَافِظَةِ وَالنَّافِلَةِ فَلَمَّا لَمْ يَثْبُتْ الْإِحْرَازُ بِدَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ تَثْبُتْ النَّافِلَةُ فَلَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَاءُ، وَلَمَّا لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِيلَاءُ لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ التَّنْفِيلَ يَثْبُتُ بِهِ الْمِلْكُ عِنْدَهُ) دَلِيلُهُ أَنَّ الْمَدَدَ لَا يُشَارِكُونَهُ فِيهَا (كَمَا يَثْبُتُ بِالْقِسْمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ) وَهُوَ لَيْسَ بِمُتَّفَقٍ عَلَيْهِ لِأَنَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ قِسْمَةُ الْإِمَامِ لَا تَعْدَمُ الْمَانِعَ مِنْ تَمَامِ الْقَهْرِ وَهُوَ كَوْنُهُمْ مَقْهُورِينَ دَارًا وَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ الِاخْتِلَافَ لِعَدَمِ شُهْرَتِهِ. وَقَوْلُهُ (وَوُجُوبُ الضَّمَانِ) مُرَاعٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ. وَقَوْلُهُ (قَدْ قِيلَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ) خَبَرُهُ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَقَدْ قِيلَ بِالْوَاوِ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ الْمِلْكُ: أَيْ يَثْبُتُ الْمِلْكُ وَوُجُوبُ الضَّمَانِ لِلْمُنْفَلِ لَهُ عَلَى مَنْ أَتْلَفَ مِنْ الْغُزَاةِ سَلَبَهُ الَّذِي أَصَابَهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ دَفْعًا لِشُبْهَةٍ تَرِدُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّ الْمُتْلِفَ لِسَلَبِ مَنْ نَفَلَهُ الْإِمَامُ يَضْمَنُ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute