للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا، وَالْأَوْصَافُ تُضْمَنُ فِيهِ كَمَا فِي الْغَصْبِ، أَمَّا هَاهُنَا الْمِلْكُ صَحِيحٌ فَافْتَرَقَا.

إذَا لَمْ يَصِرْ التَّنَاوُلُ مَقْصُودًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ وَأَخَذَ الْأَرْشَ ثُمَّ قَصَدَ بَيْعَهُ مُرَابَحَةً فَإِنَّهُ يُحَطُّ مِنْ الثَّمَنِ مَا يَخُصُّ الْعَيْنَ لِأَنَّهَا صَارَتْ مَقْصُودَةً بِالتَّنَاوُلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اعْوَرَّتْ.

وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُحَطُّ فِي الْمُرَابَحَةِ لِلشُّبْهَةِ لِأَنَّهُ صَارَ كَأَنَّهُ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ بِأَلْفٍ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْآخَرِ مُرَابَحَةً لِمَا أَنَّ الشُّبْهَةَ مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ فِي بَابِ الْمُرَابَحَةِ تَحَرُّزًا عَنْ شُبْهَةِ الْخِيَانَةِ، وَلَا كَذَلِكَ هَاهُنَا لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ لِلشُّبْهَةِ فِيهِ، بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ فَإِنَّ الْأَوْصَافَ يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ فِيهَا، حَتَّى لَوْ اسْتَهْلَكَ الْمُشْتَرِي شَيْئًا مِنْ الدَّارِ سَقَطَ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي الَّذِي وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ شِرَاءِ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاجِبُ الرَّدِّ، وَالْأَوْصَافُ تُضْمَنُ فِي الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا كَمَا فِي الْغَصْبِ، فَإِنَّ مَنْ غَصَبَ جَارِيَةً فَذَهَبَتْ إحْدَى عَيْنَيْهَا ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهَا. فَإِنْ قِيلَ: شِرَاءُ التَّاجِرِ هَاهُنَا بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا فِي الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ وَهُوَ وُجُوبُ الرَّدِّ. أُجِيبَ بِأَنَّ إلْحَاقَ مَسْأَلَةِ الشُّفْعَةِ بِالْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا مِنْ حَيْثُ وُجُوبُ الرَّدِّ إلَى الشَّفِيعِ، وَمِنْ حَيْثُ وُجُوبُ عَرْضِ الْبَائِعِ الدَّارَ عَلَى الْجَارِ أَوَّلًا، ثُمَّ الْبَيْعُ إنْ رَغِبَ عَنْهُ الْجَارُ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ صَارَ ذَلِكَ مَكْرُوهًا فَصَارَ كَتَمَكُّنِ الْفَسَادِ فِي الْعَقْدِ، وَلَا كَذَلِكَ بَيْعُ الْكَافِرِ مِنْ التَّاجِرِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَرْضُ عَلَى الْمَالِكِ. قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الشُّفْعَةِ أَيْضًا إذَا كَانَ هَلَاكُ بَعْضِ الْمُشْتَرِي بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لَا يُقَابِلُ الْأَوْصَافَ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ فَلَمْ تَكُنْ مُخَالِفَةً لِمَسْأَلَةِ التَّاجِرِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا مُخَالِفَةٌ فِي صُورَةِ الْعَمْدِ، فَإِنَّ التَّاجِرَ إذَا فَقَأَ عَيْنَ الْجَارِيَةِ لَا يَلْزَمُهُ حَطُّ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَهْلَكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>