للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ الشِّرَاءِ وَأَخْذِ الْخَرَاجِ وَأَدَائِهِ لِلْمُسْلِمِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ (وَلَا عُشْرَ فِي الْخَارِجِ مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ مُخْتَلِفَانِ وَجَبَا فِي مَحِلَّيْنِ بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَا يَتَنَافَيَانِ. وَلَنَا قَوْلُهُ «لَا يَجْتَمِعُ عُشْرٌ وَخَرَاجٌ فِي أَرْضِ مُسْلِمٍ»،

قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ) احْتِرَازٌ عَمَّا يَقُولُهُ الْمُتَقَشِّفَةُ وَهْم طَائِفَةٌ مِنْ الصُّوفِيَّةِ إنَّهُ مَكْرُوهٌ، لِأَنَّ «النَّبِيَّ رَأَى شَيْئًا مِنْ آلَاتِ الْحِرَاثَةِ فَقَالَ: مَا دَخَلَ هَذَا بَيْتَ قَوْمٍ إلَّا ذَلُّوا» ظَنُّوا أَنَّ الْمُرَادَ بِالذُّلِّ الْتِزَامُ الْخَرَاجِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ إذَا اشْتَغَلُوا بِالزِّرَاعَةِ وَاتَّبَعُوا أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَقَعَدُوا عَنْ الْجِهَادِ كَرَّ عَلَيْهِمْ عَدُوُّهُمْ وَجَعَلَهُمْ أَذِلَّةً، وَلِأَنَّ الصَّغَارَ إنْ كَانَ قَائِمًا يَكُونُ فِي الْوَضْعِ ابْتِدَاءً وَأَمَّا بَقَاءً فَلَا، بِخِلَافِ خَرَاجِ الرُّءُوسِ فَإِنَّهُ ذُلٌّ وَصَغَارٌ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً فَلِذَلِكَ لَا يَبْقَى بَعْدَ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ وَجَبَا فِي مَحَلَّيْنِ بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ) يَعْنِي وَلِمَصْرِفَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، أَمَّا اخْتِلَافُ الْمَحَلِّ فَلِأَنَّ الْخَرَاجَ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ وَالْعُشْرَ فِي الْخَارِجِ، وَأَمَّا اخْتِلَافُ السَّبَبِ فَلِأَنَّ سَبَبَ الْخَرَاجِ الْأَرْضُ النَّامِيَةُ تَقْدِيرًا، وَسَبَبُ الْعُشْرِ الْأَرْضُ النَّامِيَةُ تَحْقِيقًا.

وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْمَصْرِفِ فَإِنَّ مَصْرِفَ الْخَرَاجِ الْمُقَاتِلَةُ وَمَصْرِفَ الْعُشْرِ الْفُقَرَاءُ (فَلَا يَتَنَافَيَانِ) لِأَنَّ التَّنَافِيَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِاتِّحَادِ الْمَحَلِّ (وَلَنَا قَوْلُهُ «لَا يَجْتَمِعُ عُشْرٌ وَخَرَاجٌ فِي أَرْضِ مُسْلِمٍ») رَوَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ .

<<  <  ج: ص:  >  >>