وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الزَّكَاةُ مَعَ أَحَدِهِمَا.
(وَلَا يَتَكَرَّرُ الْخَرَاجُ بِتَكَرُّرِ الْخَارِجِ فِي سَنَةٍ)؛ لِأَنَّ عُمَرَ لَمْ يُوَظِّفْهُ مُكَرَّرًا، بِخِلَافِ الْعُشْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ عُشْرًا إلَّا بِوُجُوبِهِ فِي كُلِّ خَارِجٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(بَابُ) (الْجِزْيَةِ)
وَقَوْلُهُ (وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الزَّكَاةُ مَعَ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْعُشْرُ أَوْ الْخَرَاجُ. صُورَتُهُ: رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضَ عُشْرٍ أَوْ خَرَاجٍ لِلتِّجَارَةِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ زَكَاةُ التِّجَارَةِ مَعَ الْعُشْرِ أَوْ الْخَرَاجِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَلَيْهِ زَكَاةَ التِّجَارَةِ مَعَ الْعُشْرِ أَوْ الْخَرَاجِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَمَفْرَعُهُمَا تَوَهُّمُ اخْتِلَافِ الْمَحَلَّيْنِ أَنَّ مَحَلَّ الْعُشْرِ الْخَارِجُ وَمَحَلَّ الزَّكَاةِ عَيْنُ مَالِ التِّجَارَةِ وَهُوَ الْأَرْضُ فَلَمْ يَجْتَمِعَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ، فَوُجُوبُ أَحَدِهِمَا لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْآخَرِ كَالدَّيْنِ مَعَ الْعُشْرِ. وَلَنَا أَنَّ الْمَحَلَّ وَاحِدٌ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُؤْنَةُ الْأَرْضِ النَّامِيَةِ، وَكَذَلِكَ الزَّكَاةُ وَظِيفَةُ الْمَالِ النَّامِي وَهُوَ الْأَرْضُ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَجِبُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجِبُ بِسَبَبِ مِلْكِ مَالٍ وَاحِدٍ حَقَّانِ لِلَّهِ تَعَالَى، كَمَا لَا تَجِبُ زَكَاةُ السَّائِمَةِ وَزَكَاةُ التِّجَارَةِ بِاعْتِبَارِ مَالٍ وَاحِدٍ. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا. قُلْنَا الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ صَارَا وَظِيفَتَيْنِ لَازِمَتَيْنِ لِهَذِهِ الْأَرْضِ فَلَا يَسْقُطَانِ بِإِسْقَاطِ الْمَالِكِ وَهُوَ أَسْبَقُ ثُبُوتًا مِنْ زَكَاةِ التِّجَارَةِ الَّتِي كَانَ وُجُوبُهَا بِنِيَّةٍ فَلِهَذَا بَقِيَتْ عُشْرِيَّةً وَخَرَاجِيَّةً كَمَا كَانَتْ وَبِقَوْلِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَجِبُ حَقًّا لِلَّهِ خَرَجَ الْجَوَابُ عَنْ وُجُوبِ الدَّيْنِ مَعَ الْعُشْرِ، فَإِنَّ الدَّيْنَ يَجِبُ لِلْعَبْدِ وَالْعُشْرَ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا فَيَجِبَانِ وَإِنْ كَانَا بِسَبَبِ مِلْكٍ وَاحِدٍ، وَالْبَاقِي ظَاهِرٌ.
بَابُ الْجِزْيَةِ:
لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ خَرَاجِ الْأَرَاضِي ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَابِ خَرَاجَ الرُّءُوسِ وَهُوَ الْجِزْيَةُ، إلَّا أَنَّهُ قَدَّمَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute