لِأَنَّهُمْ تَحَمَّلُوا الزِّيَادَةَ بِسَبَبِهِمْ (وَلَا تُوضَعُ عَلَى الرُّهْبَانِ الَّذِينَ لَا يُخَالِطُونَ النَّاسَ) كَذَا ذَكَرَ هَاهُنَا. وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُوضَعُ عَلَيْهِمْ إنْ كَانُوا يَقْدِرُونَ عَلَى الْعَمَلِ، وَهُوَ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ. وَجْهُ الْوَضْعِ عَلَيْهِمْ أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْعَمَلِ هُوَ الَّذِي ضَيَّعَهَا فَصَارَ كَتَعْطِيلِ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ.
وَوَجْهُ الْوَضْعِ عَنْهُمْ أَنَّهُ لَا قَتْلَ عَلَيْهِمْ إذَا كَانُوا لَا يُخَالِطُونَ النَّاسَ، وَالْجِزْيَةُ فِي حَقِّهِمْ لِإِسْقَاطِ الْقَتْلِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَمِلُ صَحِيحًا وَيَكْتَفِي بِصِحَّتِهِ فِي أَكْثَرِ السَّنَةِ.
(وَمَنْ أَسْلَمَ وَعَلَيْهِ جِزْيَةٌ سَقَطَتْ عَنْهُ) وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَ كَافِرًا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِيهِمَا. لَهُ أَنَّهَا وَجَبَتْ بَدَلًا عَنْ الْعِصْمَةِ أَوْ عَنْ السُّكْنَى وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ الْمُعَوَّضُ
وَعَلَى اعْتِبَارِ الثَّانِي لَا يَجِبُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَقْدِرُ عَلَى النُّصْرَةِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَدَلُهُ. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُمْ تَحَمَّلُوا الزِّيَادَةَ بِسَبَبِهِمْ) أَيْ صَارَ مَوَالِيهِمْ بِسَبَبِهِمْ مِنْ صِنْفِ الْأَغْنِيَاءِ أَوْ وَسَطِ الْحَالِ حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِمْ زِيَادَةٌ عَلَى مِقْدَارِ الْوَاجِبِ عَلَى الْفَقِيرِ الْمُعْتَمِلِ، فَلَوْ قُلْنَا بِوُجُوبِهَا عَلَى الْمَوَالِي بِسَبَبِهِمْ لَكَانَ وُجُوبُ الْجِزْيَةِ مَرَّتَيْنِ بِسَبَبِ شَيْءٍ وَاحِدٍ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ. وَقَوْلُهُ (وَلَا تُوضَعُ عَلَى الرُّهْبَانِ) وَاضِحٌ.
قَالَ (وَمَنْ أَسْلَمَ وَعَلَيْهِ جِزْيَةٌ سَقَطَتْ عَنْهُ) إذَا أَسْلَمَ مَنْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ أَوْ مَاتَ كَافِرًا أَوْ عَمِيَ أَوْ صَارَ زَمِنًا أَوْ مُقْعَدًا أَوْ شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ الْعَمَلَ أَوْ فَقِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَبَقِيَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ سَقَطَتْ عَنْهُ عِنْدَنَا سَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الْعَوَارِضُ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا (خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ ﵀. لَهُ أَنَّهَا وَجَبَتْ بَدَلًا عَنْ الْعِصْمَةِ أَوْ عَنْ السُّكْنَى وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ الْمُعَوَّضُ) وَكُلُّ مَا وَجَبَ بَدَلًا عَنْ شَيْءٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute