للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَامَةٌ مُمَيِّزَةٌ فَلَعَلَّهُ يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الْمُسْلِمِينَ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ وَالْعَلَامَةُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ خَيْطًا غَلِيظًا مِنْ الصُّوفِ يَشُدُّهُ عَلَى وَسَطِهِ دُونَ الزُّنَّارِ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ فَإِنَّهُ جَفَاءٌ فِي حَقِّ أَهْلِ الْإِسْلَامِ. وَيَجِب أَنْ يَتَمَيَّزَ نِسَاؤُهُمْ عَنْ نِسَائِنَا فِي الطُّرُقَاتِ وَالْحَمَّامَاتِ، وَيُجْعَلُ عَلَى دُورِهِمْ عَلَامَاتٌ كَيْ لَا يَقِفَ عَلَيْهَا سَائِلٌ يَدْعُوَ لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ.

قَالُوا: الْأَحَقُّ أَنْ لَا يُتْرَكُوا أَنْ يَرْكَبُوا إلَّا لِلضَّرُورَةِ. وَإِذَا رَكِبُوا لِلضَّرُورَةِ فَلِيَنْزِلُوا فِي مَجَامِعِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَزِمَتْ الضَّرُورَةُ اتَّخَذُوا سُرُوجًا

ذَلِكَ بِهِمْ لِكَيْ يَكُونُوا فِي أَعْيُنِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَمْ يَتَصَلَّبُوا فِي دِينِ الْإِسْلَامِ أَذِلَّاءَ صَاغِرِينَ حَتَّى لَا يَمِيلُوا إلَى الْكُفْرِ بِسَبَبِ سِعَتِهِمْ فِي الرِّزْقِ وَالْمَلَابِسِ وَالْمَرَاكِبِ وَرَوْنَقِ حَالِهِمْ. فَإِنْ قِيلَ: لَمْ يَأْخُذْ النَّبِيُّ مِنْ يَهُودِ الْمَدِينَةِ وَلَا نَصَارَى نَجْرَانَ وَلَا مَجُوسِ هَجَرَ بِذَلِكَ فَيَكُونَ بِدْعَةً. أُجِيبَ بِأَنَّهُمْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ كَانُوا مَعْرُوفِينَ فِي الْمَدِينَةِ لَا يَشْتَبِهُ حَالُهُمْ فَلَمْ يَقَعْ الِاحْتِيَاجُ إلَى ذَلِكَ، ثُمَّ فِي زَمَنِ عُمَرَ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ مِمَّنْ يُعْرَفُ مِمَّنْ لَا يُعْرَفُ وَقَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَكَانَ صَوَابًا. قَالَ : «أَيْنَمَا دَارَ عُمَرُ فَالْحَقُّ مَعَهُ» وَقَوْلُهُ (فَإِنَّهُ جَفَاءٌ فِي حَقِّ أَهْلِ الْإِسْلَامِ) أَيْ تَرْكُ حُسْنِ الْعِشْرَةِ بِأَهْلِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ فِي الْأَمْرِ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ بِتَمَيُّزِهِمْ بِمَا يُوجِبُ إعْزَازَهُمْ مِنْ اتِّخَاذِ الزُّنَّارِ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ إهَانَةً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، لِأَنَّ مَنْ أَعَزَّ عَدُوَّ صَدِيقِهِ فَقَدْ أَهَانَ صَدِيقَهُ مَعْنًى. وَقَوْلُهُ (أَنْ لَا يَرْكَبُوا إلَّا لِلضَّرُورَةِ) يَعْنِي كَالْخُرُوجِ إلَى الرُّسْتَاقِ وَذَهَابِ الْمَرِيضِ

<<  <  ج: ص:  >  >>