للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُضَاعَفَةِ، وَالصَّدَقَةُ تَجِبُ عَلَيْهِنَّ دُونَ الصِّبْيَانِ فَكَذَا الْمُضَاعَفُ. وَقَالَ زُفَرُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ نِسَائِهِمْ أَيْضًا، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ جِزْيَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى مَا قَالَ عُمَرُ: هَذِهِ جِزْيَةٌ فَسَمُّوهَا مَا شِئْتُمْ، وَلِهَذَا تُصْرَفُ مَصَارِفَ الْجِزْيَةِ وَلَا جِزْيَةَ عَلَى النِّسْوَانِ.

وَلَنَا أَنَّهُ مَالٌ وَجَبَ بِهِ الصُّلْحُ، وَالْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِ مِثْلِهِ عَلَيْهَا وَالْمَصْرِفُ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ مَالُ بَيْتِ الْمَالِ وَذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِالْجِزْيَةِ؛

وَكَلَامُهُ وَاضِحٌ. وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ بِإِسْنَادِهِ إلَى دَاوُد بْنِ كُرْدُوسٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ التَّغْلِبِيِّ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ بَنِي تَغْلِبَ مَنْ قَدْ عَلِمْت شَوْكَتَهُمْ وَإِنَّهُمْ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، فَإِنْ ظَاهَرُوا عَلَيْك الْعَدُوَّ اشْتَدَّتْ الْمُؤْنَةُ، فَإِنْ رَأَيْت أَنْ تُعْطِيَهُمْ شَيْئًا فَافْعَلْ، قَالَ: فَصَالَحَهُمْ عُمَرُ عَلَى أَنْ لَا يَغْمِسُوا أَحَدًا مِنْ أَوْلَادِهِمْ فِي النَّصْرَانِيَّةِ، وَتُضَاعَفُ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ، وَعَلَى أَنْ تَسْقُطَ الْجِزْيَةُ عَنْ رُءُوسِهِمْ، فَكُلُّ نَصْرَانِيٍّ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ لَهُ غَنَمٌ سَائِمَةٌ فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ، فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ شَاةً سَائِمَةً فَفِيهَا شَاتَانِ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ، فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا أَرْبَعٌ مِنْ الْغَنَمِ، وَعَلَى هَذَا الْحِسَابِ تُؤْخَذُ صَدَقَاتُهُمْ، وَكَذَلِكَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ إذَا وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِ شَيْءٌ فِي ذَلِكَ فَعَلَى التَّغْلِبِيِّ مِثْلُهُ مَرَّتَيْنِ، وَنِسَاؤُهُمْ كَرِجَالِهِمْ فِي الصَّدَقَةِ، وَأَمَّا الصِّبْيَانُ فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ وَكَذَلِكَ أَرَاضِيِهِمْ الَّتِي كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمْ يَوْمَ صُولِحُوا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ الضِّعْفُ مِمَّا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ. وَقَوْلُهُ (وَالْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِ مِثْلِهِ) أَيْ مِثْلِ مَالٍ وَجَبَ بِالصُّلْحِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>