وَلَنَا «أَنَّ النَّبِيَّ ﵊ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ»، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ تَأْخِيرُ الْأَجْزِيَةِ إلَى دَارِ الْآخِرَةِ إذْ تَعْجِيلُهَا يُخِلُّ بِمَعْنَى الِابْتِلَاءِ، وَإِنَّمَا عُدِلَ عَنْهُ دَفْعًا لِشَرٍّ نَاجِزٍ وَهُوَ الْحِرَابُ، وَلَا يَتَوَجَّهُ ذَلِكَ مِنْ النِّسَاءِ؛ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّةِ الْبِنْيَةِ، بِخِلَافِ الرِّجَالِ فَصَارَتْ الْمُرْتَدَّةُ كَالْأَصْلِيَّةِ قَالَ (وَلَكِنْ تُحْبَسُ حَتَّى تُسْلِمَ)؛ لِأَنَّهَا امْتَنَعَتْ عَنْ إيفَاءِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَتُجْبَرُ عَلَى إيفَائِهِ بِالْحَبْسِ كَمَا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ (وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: وَتُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَى الْإِسْلَامِ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً.
وَلِأَنَّ رِدَّةَ الرَّجُلِ مُبِيحَةٌ لِلْقَتْلِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا جِنَايَةٌ مُتَغَلِّظَةٌ) وَكُلُّ مَا هُوَ جِنَايَةٌ مُتَغَلِّظَةٌ (يُنَاطُ بِهَا عُقُوبَةٌ مُتَغَلِّظَةٌ، وَرِدَّةُ الْمَرْأَةِ تُشَارِكُ رِدَّةَ الرَّجُلِ فِي هَذِهِ الْعِلَّةِ فَيَجِبُ أَنْ تُشَارِكَهَا فِي مُوجَبِهَا) لِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي الْعِلَّةِ يُوجِبُ الِاشْتِرَاكَ فِي الْمَعْلُولِ وَصَارَ كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالسَّرِقَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَا يُدْرَأُ بِالرَّأْيِ وَلَنَا «أَنَّهُ ﷺ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ» وَلِأَنَّ الْقَتْلَ جَزَاءُ الْكُفْرِ (وَالْأَصْلُ فِي الْأَجْزِيَةِ تَأْخِيرُهَا إلَى دَارِ الْجَزَاءِ وَهِيَ الْآخِرَةُ لِأَنَّ تَعْجِيلَهَا يُخِلُّ بِمَعْنَى الِابْتِلَاءِ) الَّذِي هُوَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى إظْهَارُ عِلْمِهِ لِأَنَّ النَّاسَ يَمْتَنِعُونَ خَوْفًا مِنْ لُحُوقِهِ فَصَارُوا فِي الْمَعْنَى كَالْمَجْبُورِينَ وَفِيهِ إخْلَالٌ بِالِابْتِلَاءِ (وَإِنَّمَا عُدِلَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ إلَى تَعْجِيلِ بَعْضِهَا (دَفْعًا لِشَرٍّ نَاجِزٍ وَهُوَ الْحِرَابُ، وَلَا يَتَوَجَّهُ ذَلِكَ فِي النِّسَاءِ) لِأَنَّ بِنْيَتَهُنَّ غَيْرُ صَالِحَةٍ لِذَلِكَ (بِخِلَافِ الرِّجَالِ فَصَارَتْ الْمُرْتَدَّةُ كَالْأَصْلِيَّةِ) وَالْكَافِرَةُ الْأَصْلِيَّةُ لَا تُقْتَلُ فَكَذَا الْمُرْتَدَّةُ. وَمَا قِيلَ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَتَلَ مُرْتَدَّةً» فَقَدْ قِيلَ إنَّهُ ﵊ لَمْ يَقْتُلْهَا بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ بَلْ لِأَنَّهَا كَانَتْ سَاحِرَةً شَاعِرَةً تَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَكَانَ لَهَا ثَلَاثُونَ ابْنًا وَهِيَ تُحَرِّضُهُمْ عَلَى قِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَمَرَ بِقَتْلِهَا. وَالْجَوَابُ عَمَّا رُوِيَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُجْرًى عَنْ ظَاهِرِهِ لِأَنَّ التَّبْدِيلَ يَتَحَقَّقُ مِنْ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ، فَعَرَفْنَا أَنَّهُ عَامٌّ لِحَقِّهِ خُصُوصٌ فَيُخَصَّصُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِمَا ذَكَرْنَا فِي الْمَعْنَى، وَقَوْلُهُ (وَلَكِنْ تُحْبَسُ) ظَاهِرٌ وَأَعَادَ رِوَايَةَ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى ذِكْرِ الْجَبْرِ وَالْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute