للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ (وَلُقَطَةُ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ سَوَاءٌ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجِبُ التَّعْرِيفُ فِي لُقَطَةِ الْحَرَمِ إلَى أَنْ يَجِيءَ صَاحِبُهَا لِقَوْلِهِ فِي الْحَرَمِ «وَلَا يَحِلُّ لُقَطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ» وَلَنَا قَوْلُهُ : «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً» مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَلِأَنَّهَا لُقَطَةٌ، وَفِي التَّصَدُّقِ بَعْدَ مُدَّةِ التَّعْرِيفِ إبْقَاءُ مِلْكِ الْمَالِكِ مِنْ وَجْهٍ فَيَمْلِكُهُ كَمَا فِي سَائِرِهَا، وَتَأْوِيلُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ الِالْتِقَاطُ إلَّا لِلتَّعْرِيفِ، وَالتَّخْصِيصُ بِالْحُرْمِ لِبَيَانِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ التَّعْرِيفُ فِيهِ لِمَكَانِ أَنَّهُ لِلْغُرَبَاءِ ظَاهِرًا.

نَشَدْت الضَّالَّةَ: أَيْ عَرَّفْتهَا، وَأَنْشَدْتهَا: أَيْ طَلَبْتهَا. وَمَعْنَى الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ «لَا تَحِلُّ لُقَطَةُ مَكَّةَ إلَّا لِمُنْشِدِهَا» أَيْ طَالِبِهَا، وَهُوَ الْمَالِكُ عِنْدَهُ وَالْمُعَرَّفُ عِنْدَنَا الْعِفَاصُ وَهُوَ الْوِعَاءُ الَّذِي تَكُونُ فِيهِ النَّفَقَةُ مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرْقَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَالْوِكَاءُ الرِّبَاطُ، يُقَالُ أَوْكَى السِّقَاءَ: شَدَّهُ بِالْوِكَاءِ وَهُوَ الرِّبَاطُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ.

وَقَوْلُهُ (إبْقَاءُ مِلْكِ الْمَالِكِ مِنْ وَجْهٍ) يَعْنِي مِنْ حَيْثُ تَحْصِيلُ الثَّوَابِ (فَيَمْلِكُهُ كَمَا فِي سَائِرِهَا) أَيْ فِي سَائِرِ اللُّقَطَاتِ (وَتَأْوِيلُ مَا رُوِيَ) مِنْ قَوْلِهِ «لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدِهَا» أَيْ لَا يَحِلُّ الْتِقَاطُهَا إلَّا لِلتَّعْرِيفِ. فَإِنْ قِيلَ مَا وَجْهُ تَخْصِيصِ هَذَا الْمَعْنَى بِالْحَرَمِ؟ أَجَابَ بِقَوْلِهِ (وَالتَّخْصِيصُ بِالْحَرَمِ) وَبَيَانُهُ أَنَّ مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى مَكَانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>