وَلَا يَتَصَدَّقُ بِاللُّقَطَةِ عَلَى غَنِيٍّ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ هُوَ التَّصَدُّقُ لِقَوْلِهِ ﵊ «فَإِنْ لَمْ يَأْتِ» يَعْنِي صَاحِبَهَا، «فَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ» وَالصَّدَقَةُ لَا تَكُونُ عَلَى غَنِيٍّ فَأَشْبَهَ الصَّدَقَةَ الْمَفْرُوضَةَ (وَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ غَنِيًّا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ لِقَوْلِهِ ﵊ فِي حَدِيثِ أُبَيٍّ ﵁ «فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَادْفَعْهَا إلَيْهِ وَإِلَّا فَانْتَفِعْ بِهَا» وَكَانَ مِنْ الْمَيَاسِيرِ، وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يُبَاحُ لِلْفَقِيرِ حَمْلًا لَهُ عَلَى رَفْعِهَا صِيَانَةً لَهَا وَالْغَنِيُّ يُشَارِكُهُ فِيهِ.
وَلَنَا مَالُ الْغَيْرِ فَلَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ إلَّا بِرِضَاهُ لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ وَالْإِبَاحَةُ لِلْفَقِيرِ لِمَا رَوَيْنَاهُ، أَوْ بِالْإِجْمَاعِ فَيَبْقَى مَا وَرَاءَهُ عَلَى الْأَصْلِ، وَالْغَنِيُّ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَخْذِ لِاحْتِمَالِ افْتِقَارِهِ فِي مُدَّةِ التَّعْرِيفِ، وَالْفَقِيرُ قَدْ يَتَوَانَى لِاحْتِمَالِ اسْتِغْنَائِهِ فِيهَا
وَأَنَّهُ ضَامِنٌ بَعْدَمَا ثَبَتَ الْمِلْكُ لِغَيْرِهِ بِالْبَيِّنَةِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَا ضَمِنَ بِهَذَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَقَوْلُهُ (وَكَانَ مِنْ الْمَيَاسِيرِ) أَيْ الْأَغْنِيَاءِ جَمْعُ الْمَيْسُورِ ضِدُّ الْمَعْسُورِ. وَقَوْلُهُ (حَمْلًا لَهُ عَلَى رَفْعِهَا) أَيْ لِيَكُونَ حَامِلًا (وَبَاعِثًا عَلَى رَفْعِهَا) وَقَوْلُهُ (لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ) يُرِيدُ بِهِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ إلَخْ وقَوْله تَعَالَى ﴿وَلا تَعْتَدُوا﴾ وَقَوْلُهُ ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ (قَوْلُهُ وَالْإِبَاحَةُ لِلْفَقِيرِ لِمَا رَوَيْنَاهُ) يُرِيدُ بِهِ قَوْلَهُ ﵊ «فَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ» (قَوْلُهُ وَالْغَنِيُّ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَخْذِ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يُبَاحُ لِلْفَقِيرِ (حَمْلًا لَهُ عَلَى رَفْعِهَا).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute