للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِي حُقُوقِهِ، وَلَا يُخَاصِمُ فِي الَّذِي تَوَلَّاهُ الْمَفْقُودُ وَلَا فِي نَصِيبٍ لَهُ فِي عَقَارٍ أَوْ عُرُوضٍ فِي يَدِ رَجُلٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ وَلَا نَائِبٍ عَنْهُ إنَّمَا هُوَ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي وَأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ بِلَا خِلَافٍ، إنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ فِي الدَّيْنِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِهِ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا رَآهُ الْقَاضِي وَقَضَى بِهِ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ، ثُمَّ مَا كَانَ يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ يَبِيعُهُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ حِفْظُ صُورَتِهِ وَمَعْنَاهُ فَيَنْظُرُ لَهُ بِحِفْظِ الْمَعْنَى (وَلَا يَبِيعُ مَا لَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ فِي نَفَقَةٍ وَلَا غَيْرِهَا) لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ إلَّا فِي حِفْظِ مَالِهِ فَلَا يَسُوغُ لَهُ تَرْكُ حِفْظِ السُّورَةِ وَهُوَ مُمْكِنٌ.

وَكَلَامُهُ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَلَا فِي نَصِيبٍ لَهُ فِي عَقَارٍ أَوْ عُرُوضٍ فِي يَدِ رَجُلٍ) بِأَنْ كَانَ الشَّيْءُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْمَفْقُودِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ) أَيْ الْوَكِيلَ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي (لَا يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ بِلَا خِلَافٍ، إنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ فِي الدَّيْنِ) فَإِنَّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَمْلِكُ الْخُصُومَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَمْلِكُهَا (وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ) يَعْنِي أَنَّ وَكِيلَ الْقَاضِي لَمَّا لَمْ يَمْلِكْ الْخُصُومَةَ كَانَ حُكْمُ الْقَاضِي بِتَنْفِيذِ الْخُصُومَةِ قَضَاءً بِالدَّيْنِ لِلْغَائِبِ، وَالْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ وَلِلْغَائِبِ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ الْقَضَاءَ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ وَالْخُصُومَةُ مِنْ الْغَائِبِ غَيْرُ مُتَصَوَّرَةٍ (إلَّا إذَا رَآهُ الْقَاضِي) أَيْ جَعَلَ ذَلِكَ رَأْيًا لَهُ وَحَكَمَ بِهِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ، لِأَنَّ الْقَضَاءَ إذَا لَاقَى فَصْلًا مُجْتَهَدًا فِيهِ نَفَّذَهُ. فَإِنْ قِيلَ: الْمُجْتَهَدُ فِيهِ نَفْسُ الْقَضَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَوَقَّفَ نَفَاذُهُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ كَمَا لَوْ كَانَ الْقَاضِي مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْمُجْتَهَدَ فِيهِ سَبَبٌ لِلْقَضَاءِ وَهُوَ أَنَّ الْبَيِّنَةَ هَلْ تَكُونُ حُجَّةً مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ حَاضِرٍ أَوْ لَا، فَإِذَا رَآهَا الْقَاضِي حُجَّةً وَقَضَى بِهَا نَفَذَ قَضَاؤُهُ كَمَا لَوْ قَضَى بِشَهَادَةِ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَا كَانَ يُخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادُ يَبِيعُهُ الْقَاضِي) ظَاهِرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>