الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: وَفِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ يُقَدَّرُ بِمَوْتِ الْأَقْرَانِ، وَفِي الْمَرْوِيِّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ بِمِائَةِ سَنَةٍ، وَقَدَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِتِسْعِينَ، وَالْأَقْيَسُ أَنْ لَا يُقَدَّرَ بِشَيْءٍ. وَالْأَرْفَقُ أَنْ يُقَدَّرَ بِتِسْعِينَ، وَإِذَا حُكِمَ بِمَوْتِهِ اعْتَدَّتْ امْرَأَتُهُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ (وَيُقْسَمُ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ الْمَوْجُودِينَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ) كَأَنَّهُ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُعَايَنَةً إذْ الْحُكْمِيُّ مُعْتَبَرٌ بِالْحَقِيقِيِّ
أَنَّهَا مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً مِنْ يَوْمِ وُلِدَ، فَإِذَا مَضَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ حَكَمْنَا بِمَوْتِهِ. قِيلَ: وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ أَهْلِ الطَّبَائِعِ وَالنُّجُومِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَعِيشَ أَحَدٌ أَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُقَدَّرُ بِمَوْتِ الْأَقْرَانِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ أَقْرَانِهِ حَيًّا حُكِمَ بِمَوْتِهِ لِأَنَّ مَا تَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى مَعْرِفَتِهِ فَطَرِيقُهُ فِي الشَّرْعِ الرُّجُوعُ إلَى أَمْثَالِهِ كَقِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ وَمَهْرِ مِثْلِ النِّسَاءِ، وَبَقَاؤُهُ بَعْدَ مَوْتِ جَمِيعِ أَقْرَانِهِ نَادِرٌ وَبِنَاءُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الظَّاهِرِ دُونَ النَّادِرِ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ بِأَقْرَانِهِ فِي جَمِيعِ الدُّنْيَا أَوْ فِي الْإِقْلِيمِ الَّذِي هُوَ فِيهِ ذَكَرْنَاهُ فِي شَرْحِ الْفَرَائِضِ السِّرَاجِيَّةِ، وَفِي الْمَرْوِيِّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ بِمِائَةِ سَنَةٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ لَا يَعِيشَ أَحَدٌ فِي زَمَانِنَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ، وَقَدَّرَ بَعْضُهُمْ بِتِسْعِينَ لِأَنَّهُ مُتَوَسِّطٌ لَيْسَ بِغَالِبٍ وَلَا نَادِرٍ، وَالْأَقْيَسُ أَفْعَلُ تَفْضِيلٍ لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ الْمَقِيسُ عَلَى طَرِيقِ الشُّذُوذِ كَقَوْلِهِمْ: أَشْغَلُ مِنْ ذَاتِ النَّحْيَيْنِ أَنْ لَا يُقَدَّرَ بِشَيْءٍ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ كَالْمِائَةِ وَالتِّسْعِينَ وَلَكِنَّهُ يُقَدَّرُ بِمَوْتِ الْأَقْرَانِ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقَدَّرْ بِشَيْءٍ أَصْلًا لَتَعَطَّلَ حُكْمُ الْمَفْقُودِ، وَالْأَرْفَقُ أَنْ يُقَدَّرَ بِتِسْعِينَ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ الْمَقَادِيرِ (قَوْلُهُ وَإِذَا حُكِمَ بِمَوْتِهِ) ظَاهِرٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute