للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَلِكَ فِي الْمَالِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا تَصِحُّ الشِّرْكَةُ فِيهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ التَّفَاضُلُ فِيمَا لَا يَصِحُّ الشِّرْكَةُ فِيهِ، وَكَذَا فِي التَّصَرُّفِ، لِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَ أَحَدُهُمَا تَصَرُّفًا لَا يَمْلِكُ الْآخَرُ لَفَاتَ التَّسَاوِي، وَكَذَلِكَ فِي الدَّيْنِ لِمَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهَذِهِ الشِّرْكَةُ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا اسْتِحْسَانًا. وَفِي الْقِيَاسِ لَا تَجُوزُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.

وَقَالَ مَالِكٌ: لَا أَعْرِفُ مَا الْمُفَاوَضَةُ. وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّهَا تَضَمَّنَتْ الْوَكَالَةَ بِمَجْهُولِ الْجِنْسِ وَالْكَفَالَةُ بِمَجْهُولٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ بِانْفِرَادِهِ فَاسِدٌ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ قَوْلُهُ «فَاوِضُوا فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْبَرَكَةِ»

وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ تَحَقُّقُ الْمُسَاوَاةِ فِي الْمَالِ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِيهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ التَّفَاضُلُ فِيمَا لَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ كَالْعُرُوضِ وَالدُّيُونِ وَالْعَقَارِ، حَتَّى لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عُرُوضٌ أَوْ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ لَا تَبْطُلُ الْمُفَاوَضَةُ مَا لَمْ تُقْبَضْ الدُّيُونُ.

وَقَوْلُهُ (كُلُّ ذَلِكَ بِانْفِرَادِهِ فَاسِدٌ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ فِي الْمَجْهُولِ فَاسِدٌ، حَتَّى لَوْ وَكَّلَ رَجُلًا وَقَالَ وَكَّلْتُك بِالشِّرَاءِ أَوْ بِشِرَاءِ الثَّوْبِ كَانَ فَاسِدًا، وَكَذَلِكَ الْكَفَالَةُ لِلْمَجْهُولِ بِالْمَعْلُومِ بَاطِلٌ، فَالْكَفَالَةُ لِلْمَجْهُولِ بِالْمَجْهُولِ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ. فَإِنْ قِيلَ: الْوَكَالَةُ الْعَامَّةُ جَائِزَةٌ كَمَا إذَا قَالَ لِآخَرَ وَكَّلْتُك فِي مَالِي اصْنَعْ مَا شِئْت فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْعُمُومَ لَيْسَ بِمُرَادٍ هَاهُنَا، فَإِنَّهُ لَا تَثْبُتُ الْوَكَالَةُ فِي حَقِّ شِرَاءِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ لِأَهْلِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>