للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا بَيْنَ الصَّبِيَّيْنِ وَلَا بَيْنَ الْمُكَاتَبَيْنِ) لِانْعِدَامِ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَمْ تَصِحَّ الْمُفَاوَضَةُ لِفَقْدِ شَرْطِهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْعِنَانِ كَانَ عِنَانًا لِاسْتِجْمَاعِ شَرَائِطِ الْعِنَانِ، إذْ هُوَ قَدْ يَكُونُ خَاصًّا وَقَدْ يَكُون عَامًّا.

قَالَ (وَتَنْعَقِدُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ) أَمَّا الْوَكَالَةُ فَلِتَحَقُّقِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الشِّرْكَةُ فِي الْمَالِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ، وَأَمَّا الْكَفَالَةُ: فَلِتَحَقُّقِ الْمُسَاوَاةِ فِيمَا هُوَ مِنْ مُوَاجِبِ التِّجَارَاتِ وَهُوَ تَوَجُّهُ الْمُطَالَبَةِ نَحْوَهُمَا جَمِيعًا.

قَالَ (وَمَا يَشْتَرِيه كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ عَلَى الشِّرْكَةِ إلَّا طَعَامَ أَهْلِهِ وَكِسْوَتَهُمْ) وَكَذَا كِسْوَتُهُ، وَكَذَا الْإِدَامُ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ الْمُسَاوَاةُ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا

ذَلِكَ الْعَمَلَ عَلَى أَنْ يُقِيمَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ، وَإِجَارَةُ الْمَجُوسِيِّ لِلذَّبْحِ صَحِيحَةٌ يَسْتَوْجِبُ بِهَا الْأَجْرَ وَإِنْ كَانَ لَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْحَنَفِيِّ وَالشَّافِعِيِّ فَإِنَّ الْمُسَاوَاةَ بَيْنَهُمَا ثَابِتَةٌ، لِأَنَّ الدَّلَالَةَ قَامَتْ عَلَى أَنَّ مَتْرُوكَ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ، وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ لِلْحَنَفِيِّ وَالشَّافِعِيِّ جَمِيعًا لِثُبُوتِ وِلَايَةِ الْإِلْزَامِ بِالْمُحَاجَّةِ فَتَتَحَقَّقُ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمَا فِي الْمَالِ وَالتَّصَرُّفِ.

وَقَوْلُهُ (وَلَا بَيْنَ الصَّبِيَّيْنِ) يَعْنِي وَإِنْ أَذِنَ لَهُمَا أَبُوهُمَا لِأَنَّ مَبْنَى الْمُفَاوَضَةِ عَلَى الْكَفَالَةِ وَهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبَانِ. وَقَوْلُهُ (إذْ هُوَ) أَيْ الْعِنَانُ قَدْ يَكُونُ خَاصًّا وَقَدْ يَكُونُ عَامًّا: يَعْنِي قَدْ يَكُونُ عَامًّا فِي أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ وَقَدْ يَكُونُ فِي نَوْعٍ خَاصٍّ مِنْهَا، وَالْمُفَاوَضَةُ عَامَّةٌ فِيهَا فَجَازَ أَنْ يَذْكُرَ لَفْظَ الْمُفَاوَضَةِ وَيُرَادَ مَعْنَى الْعِنَانِ، كَمَا يَجُوزُ إثْبَاتُ مَعْنَى الْخُصُوصِ بِلَفْظِ الْعُمُومِ.

(قَوْلُهُ وَتَنْعَقِدُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ) أَيْ تَنْعَقِدُ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ كَعَامَّةِ الشَّرِكَاتِ لِيَتَحَقَّقَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ الشَّرِكَةُ فِي الْمَالِ عَلَى مَا بَيَّنَّا: يَعْنِي قَوْلَهُ لِيَكُونَ مَا يُسْتَفَادُ بِالتَّصَرُّفِ مُشْتَرَكًا، وَعَلَى الْكَفَالَةِ هُوَ عَلَى مَعْنَى أَنْ يُطَالَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ شَرِيكَيْ الْمُفَاوَضَةِ بِمَا بَاشَرَهُ الْآخَرُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: لِتَتَحَقَّقَ الْمُسَاوَاةُ فِيمَا هُوَ مِنْ مُوجَبَاتِ التِّجَارَةِ وَهُوَ تَوَجُّهُ الْمُطَالَبَةِ نَحْوَهُمَا جَمِيعًا. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ تَعْلِيلُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) وَهُوَ قَوْلُهُ قَدْ يَكُونُ عَلَى الشَّرِكَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>