للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِمُحَمَّدٍ أَنَّهَا ثَمَنٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى جَازَ الْبَيْعُ بِهَا دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ. وَمَبِيعٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، فَعَمِلْنَا بِالشَّبَهَيْنِ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْحَالَيْنِ، بِخِلَافِ الْعُرُوضِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ ثَمَنًا بِحَالٍ

وَلَوْ اخْتَلَفَا جِنْسًا كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّيْتِ وَالسَّمْنِ فَخُلِطَا لَا تَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ بِهَا بِالِاتِّفَاقِ. وَالْفَرْقُ لِمُحَمَّدٍ أَنَّ الْمَخْلُوطَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، وَمِنْ جِنْسَيْنِ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَتَتَمَكَّنُ الْجَهَالَةُ كَمَا فِي الْعُرُوضِ، وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ الشَّرِكَةُ فَحُكْمُ الْخَلْطِ قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ.

لَا يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ لِئَلَّا يَلْزَمَ رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ (وَوَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا) أَيْ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ وَالْعَدَدِيَّ الْمُتَقَارِبَ (ثَمَنٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى جَازَ الْبَيْعُ بِهَا دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَمَبِيعٌ) مِنْ وَجْهٍ (مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَعَمِلْنَا بِالشَّبَهَيْنِ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْحَالَيْنِ) يَعْنِي الْخَلْطَ وَعَدَمَهُ فَلِشَبَهِهِمَا بِالْمَبِيعِ. قُلْنَا: لَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ بِهَا قَبْلَ الْخَلْطِ، وَلِشَبَهِهَا بِالثَّمَنِ قُلْنَا تَجُوزُ الشَّرِكَةُ بِهَا بَعْدَ الْخَلْطِ، وَهَذَا لِأَنَّ إضَافَةَ الْعَقْدِ إلَيْهَا تَضْعُفُ بِاعْتِبَارِ الشَّبَهَيْنِ فَيَتَوَقَّفُ ثُبُوتُهَا عَلَى مَا يُقَوِّيهَا وَهُوَ الْخَلْطُ، لِأَنَّ بِالْخَلْطِ تَثْبُتُ شَرِكَةُ الْمِلْكِ فَتَتَأَكَّدُ بِهِ شَرِكَةُ الْعَقْدِ لَا مَحَالَةَ، بِخِلَافِ الْعُرُوضِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ ثَمَنًا بِحَالٍ.

فَلَوْ اخْتَلَفَا جِنْسًا كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالزَّيْتِ وَالسَّمْنِ فَخُلِطَ لَا تَنْعَقِدُ الشَّرِكَةُ بِهَا بِالِاتِّفَاقِ، فَمُحَمَّدٌ يَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْمَخْلُوطَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، حَتَّى أَنَّ مَنْ أَتْلَفَهُ يَضْمَنُ مِثْلَهُ فَيُمْكِنُ تَحْصِيلُ رَأْسِ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقْتَ الْقِسْمَةِ بِاعْتِبَارِ الْمِثْلِ فَتَزُولُ الْجَهَالَةُ وَمِنْ جِنْسَيْنِ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ، فَإِنَّ مَنْ أَتْلَفَهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَإِذَا كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْعُرُوضِ فَتُمْكِنُ الْجَهَالَةُ كَمَا فِي الْعُرُوضِ، وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ الشَّرِكَةُ كَحُكْمِ الْخَلْطِ قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ: أَيْ قَضَاءِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَأَمَّا فِي هَذَا الْكِتَابِ فَقَدْ بَيَّنَهُ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ قَضَاءُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَوْلُهُ قَدْ بَيَّنَّاهُ بِلَفْظِ الْمَاضِي: يَعْنِي وَلَوْ كَانَ مُرَادُهُ كِتَابَ الْقَضَاءِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ لَقَالَ سَنُبَيِّنُهُ، وَاَلَّذِي بَيَّنَهُ هُنَا فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ أَنَّ الْحِنْطَةَ إذَا كَانَتْ وَدِيعَةً عِنْدَ رَجُلٍ فَخَلَطَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>