للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي مَالِ الشَّرِيكِ، وَيُشْبِهُ الشَّرِكَةَ اسْمًا وَعَمَلًا فَإِنَّهُمَا يَعْمَلَانِ فَعَمِلْنَا بِشَبَهِ الْمُضَارَبَةِ.

وَقُلْنَا: يَصِحُّ اشْتِرَاطُ الرِّبْحِ مِنْ غَيْرِ ضَمَانٍ وَيُشْبِهُ الشَّرِكَةَ حَتَّى لَا تَبْطُلُ بِاشْتِرَاطِ الْعَمَلِ عَلَيْهَا.

قَالَ (وَيَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِبَعْضِ مَالِهِ دُونَ الْبَعْضِ) لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِي الْمَالِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِيهِ إذْ اللَّفْظُ لَا يَقْتَضِيهِ (وَلَا يَصِحُّ إلَّا بِمَا بَيَّنَّا) أَنَّ الْمُفَاوَضَةَ تَصِحُّ بِهِ لِلْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ (وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِكَا وَمِنْ جِهَةِ أَحَدِهِمَا دَنَانِيرُ وَمِنْ الْآخَرِ دَرَاهِمُ، وَكَذَا مِنْ أَحَدِهِمَا دَرَاهِمُ بِيضٌ وَمِنْ الْآخَرِ سُودٌ) وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى اشْتِرَاطِ الْخَلْطِ وَعَدَمِهِ فَإِنَّ عِنْدَهُمَا شَرْطٌ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي مُخْتَلِفِي الْجِنْسِ، وَسَنُبَيِّنُهُ مِنْ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ (وَمَا اشْتَرَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلشَّرِكَةِ طُولِبَ بِثَمَنِهِ دُونَ الْآخَرِ لِمَا بَيَّنَّا) أَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ دُونَ الْكَفَالَةِ، وَالْوَكِيلُ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْحُقُوقِ.

قَالَ (ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْهُ) مَعْنَاهُ إذَا أَدَّى مِنْ مَالِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مِنْ جِهَتِهِ فِي حِصَّتِهِ فَإِذَا نَقَدَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ فَعَلَيْهِ الْحُجَّةُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي وُجُوبَ الْمَالِ فِي ذِمَّةِ

لِأَنَّهُ إنْ شُرِطَ الْجَمِيعُ لِلْعَامِلِ صَارَ قَرْضًا، وَإِنْ شُرِطَ لِرَبِّ الْمَالِ صَارَ بِضَاعَةً، وَهَذَا الْعَقْدُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ عَنْهُمَا لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمُضَارَبَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَعْمَلُ فِي مَالِ الشَّرِيكِ وَيُشْبِهُ الشَّرِكَةَ أَيْ شَرِكَةَ الْمُفَاوَضَةِ اسْمًا وَعَمَلًا فَإِنَّهُمَا يَعْمَلَانِ مَعًا فَعَمِلْنَا بِشَبَهِ الْمُضَارَبَةِ. وَقُلْنَا: يَصِحُّ اشْتِرَاطُ الرِّبْحِ مِنْ غَيْرِ ضَمَانٍ، فَإِنَّ اشْتِرَاطَ زِيَادَةِ الرِّبْحِ مَوْجُودٌ فِي الْمُضَارَبَةِ وَهُوَ جَائِزٌ مَعَ ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ، وَهَذَا يَتَضَمَّنُ الْجَوَابَ عَنْ قَوْلِهِمَا إنَّ اشْتِرَاطَ زِيَادَةِ الرِّبْحِ لِأَحَدِهِمَا يُؤَدِّي إلَى رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَعَمِلْنَا بِشَبَهِ الشَّرِكَةِ حَتَّى لَا يَبْطُلَ بِاشْتِرَاطِ الْعَمَلِ عَلَيْهِمَا.

قَالَ (وَيَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَهَا كُلُّ وَاحِدٍ إلَخْ) أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ شَرِكَةَ الْعِنَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِبَعْضِ مَالِهِ دُونَ الْبَعْضِ، لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِي الْمَالِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِيهِ: أَيْ فِي هَذَا الْعَقْدِ، إذْ اللَّفْظُ: أَيْ لَفْظُ الْعِنَانِ لَا يَقْتَضِيهِ: أَيْ لَا يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ بِتَأْوِيلِ الِاسْتِوَاءِ، بِخِلَافِ لَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ (قَوْلُهُ لِلْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ) يَعْنِي مَا ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْفَصْلِ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَنْ. وَقَوْلُهُ (وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِكَا) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ) يَعْنِي إذَا لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ أَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>