وَهُوَ قَوْلُ هِلَالٍ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَذَكَرَ هِلَالٌ فِي وَقْفِهِ وَقَالَ أَقْوَامٌ: إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الْوِلَايَةَ لِنَفْسِهِ كَانَتْ لَهُ وِلَايَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَمْ تَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ. قَالَ مَشَايِخُنَا: الْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ، لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ التَّسْلِيمَ إلَى الْقَيِّمِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ، فَإِذَا سَلَّمَ لَمْ يَبْقَ لَهُ وِلَايَةٌ فِيهِ. وَلَنَا أَنَّ الْمُتَوَلِّي إنَّمَا يَسْتَفِيدُ الْوِلَايَةَ مِنْ جِهَتِهِ بِشَرْطِهِ فَيَسْتَحِيلُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ الْوِلَايَةُ وَغَيْرُهُ يَسْتَفِيدُ الْوِلَايَةَ مِنْهُ، وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَى هَذَا الْوَقْفِ فَيَكُونُ أَوْلَى بِوِلَايَتِهِ، كَمَنْ اتَّخَذَ مَسْجِدًا يَكُونُ أَوْلَى بِعِمَارَتِهِ وَنَصْبِ الْمُؤَذِّنِ فِيهِ، وَكَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ
قَالَ قَاضِي خَانْ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ التَّسْلِيمُ إلَى الْمُتَوَلِّي شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ فَلَا تَبْقَى لَهُ وِلَايَةٌ بَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْوِلَايَةَ لِنَفْسِهِ، أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَالتَّسْلِيمُ إلَى الْمُتَوَلِّي لَيْسَ بِشَرْطٍ فَكَانَتْ الْوِلَايَةُ لِلْوَاقِفِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوِلَايَةَ لِنَفْسِهِ. وَقَوْلُهُ (وَلَنَا أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ إنَّمَا يَسْتَفِيدُ الْوِلَايَةَ مِنْ جِهَتِهِ) اسْتِدْلَالٌ لِأَبِي يُوسُفَ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: " وَلَنَا " إشَارَةً إلَى أَنَّهُ الْمُخْتَارُ، وَكَلَامُهُ الْبَاقِي ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْحٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute