للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ سُلِّمَ إلَى الْمُتَوَلِّي صَحَّ التَّسْلِيمُ فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَفِعْلُ النَّائِبِ كَفِعْلِ الْمَنُوبِ عَنْهُ، وَأَمَّا فِي الْمَسْجِدِ فَقَدْ قِيلَ لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا؛ لِأَنَّهُ لَا تَدْبِيرَ لِلْمُتَوَلِّي فِيهِ، وَقِيلَ يَكُونُ تَسْلِيمًا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى مَنْ يَكْنُسُهُ وَيُغْلِقُ بَابَهُ، فَإِذَا سُلِّمَ إلَيْهِ صَحَّ التَّسْلِيمُ، وَالْمَقْبَرَةُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْمَسْجِدِ عَلَى مَا قِيلَ؛ لِأَنَّهُ لَا مُتَوَلِّيَ لَهُ عُرْفًا. وَقِيلَ هِيَ بِمَنْزِلَةِ السِّقَايَةِ وَالْخَانِ فَيَصِحُّ التَّسْلِيمُ إلَى الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّهُ لَوْ نُصِّبَ الْمُتَوَلِّي يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِ الْعَادَةِ، وَلَوْ جَعَلَ دَارًا لَهُ بِمَكَّةَ سُكْنَى لِحَاجِّ بَيْتِ اللَّهِ وَالْمُعْتَمِرِينَ، أَوْ جَعَلَ دَارِهِ فِي غَيْرِ مَكَّةَ سُكْنَى لِلْمَسَاكِينِ، أَوْ جَعَلَهَا فِي ثَغْرٍ مِنْ الثُّغُورِ سُكْنَى لِلْغُزَاةِ وَالْمُرَابِطِينَ. أَوْ جَعَلَ غَلَّةَ أَرْضِهِ لِلْغُزَاةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى وَدَفَعَ ذَلِكَ إلَى وَالٍ يَقُومُ عَلَيْهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَا رُجُوعَ فِيهِ لِمَا بَيَّنَّا إلَّا أَنَّ فِي الْغَلَّةِ تَحِلُّ لِلْفُقَرَاءِ دُونَ الْأَغْنِيَاءِ، وَفِيمَا سِوَاهُ مِنْ سُكْنَى الْخَانِ وَالِاسْتِقَاءِ مِنْ الْبِئْرِ وَالسِّقَايَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ يَسْتَوِي فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ،

وَقَوْلُهُ (فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ) أَيْ فِي السِّقَايَةِ وَالْخَانِ وَالرِّبَاطِ وَالْمَقْبَرَةِ. وَقَوْلُهُ (وَيُكْتَفَى بِالْوَاحِدِ) ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ (سُكْنَى الْحَاجِّ بَيْتُ اللَّهِ تَعَالَى) الْحَاجُّ اسْمُ جَمْعٍ بِمَعْنَى الْحُجَّاجِ كَالسَّامِرِ بِمَعْنَى السُّمَّارِ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿سَامِرًا تَهْجُرُونَ﴾

<<  <  ج: ص:  >  >>