للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِخِلَافِ النِّكَاحِ، وَقَدْ مَرَّ الْفَرْقُ هُنَاكَ.

الْمُسْتَقْبَلِ إنْ كَانَ مِنْ جَانِبِ الْبَائِعِ كَانَ عِدَةً لَا بَيْعًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ جَانِبِ الْمُشْتَرِي كَانَ مُسَاوَمَةً. وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَ اللَّفْظَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُسْتَقْبَلًا بِدُونِ نِيَّةِ الْإِيجَابِ فِي الْحَالِ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُرَادُ ذَلِكَ فَيَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَأُسْنِدَ ذَلِكَ إلَى تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ. ثُمَّ قِيلَ فِي تَعْلِيلِهِ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ الِاسْتِقْبَالِ تَحْتَمِلُ الْحَالَ فَصَحَّتْ النِّيَّةُ. وَقِيلَ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ وُضِعَ لِلْحَالِ وَفِي وُقُوعِهِ لِلِاسْتِقْبَالِ ضَرْبُ تَجَوُّزٍ، وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ لَفْظُ الْمُسْتَقْبَلِ، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بِالسِّينِ أَوْ سَوْفَ وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُ الْحَالَ وَلَا وُضِعَ لَهُ، فَإِنْ أَرَادَ الشَّيْخُ مِنْ لَفْظِ الْمُسْتَقْبَلِ ذَلِكَ فَلَا خَفَاءَ فِي عَدَمِ انْعِقَادِ الْبَيْعِ بِهِ، وَنِيَّةُ الْحَالِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِعَدَمِ مُصَادَفَتِهَا الْمَحَلَّ، وَإِنْ أَرَادَ مَا يَحْتَمِلُ الِاسْتِقْبَالَ وَهُوَ صِيغَةُ الْمُضَارِعِ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِالْجَوَازِ بِهِ وَإِنْ كَانَ بِالنِّيَّةِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَعْمَلُ فِي الْمُحْتَمَلَاتِ لَا فِي الْمَوْضُوعَاتِ الْأَصْلِيَّةِ، وَالْفِعْلُ الْمُضَارِعُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ عَلَى مَا عُرِفَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ وَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ الْأَثَرِ وَالْمَعْقُولِ، لَا يُقَالُ: سَلَّمْنَا أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ لَكِنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا هِيَ لِدَفْعِ الْمُحْتَمَلِ وَهُوَ الْعِدَةُ لَا لِإِرَادَةِ الْحَقِيقَةِ، لِأَنَّ الْمَعْهُودَ أَنَّ الْمَجَازَ يَحْتَاجُ إلَى مَا يَنْفِي إرَادَةَ الْحَقِيقَةِ لَا أَنَّ الْحَقِيقَةَ تَحْتَاجُ إلَى مَا يَنْفِي إرَادَةَ الْمَجَازِ عَلَى أَنَّهُ دَافِعٌ لِلْمَعْقُولِ دُونَ الْأَثَرِ. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا وَجْهُ مَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ؟ فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: الْمُضَارِعُ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ فِي غَيْرِ الْبُيُوعِ وَالْحَقِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ فِيهَا هُوَ اللَّفْظُ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعُ فِيهَا مَجَازٌ فَيَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ فَقَوْلُهُ (بِخِلَافِ النِّكَاحِ) يَعْنِي أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِذَلِكَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>