وَقِيلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ فِي فَصْلِ النُّقْصَانِ أَيْضًا وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ عَلَى أَنَّهُمَا هَرَوِيَّانِ فَإِذَا أَحَدُهُمَا مَرْوِيٌّ حَيْثُ لَا يَجُوزُ فِيهِمَا، وَإِنْ بَيَّنَ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْقَبُولَ فِي الْمَرْوِيِّ شَرْطًا لِجَوَازِ الْعَقْدِ فِي الْهَرَوِيِّ، وَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ وَلَا قَبُولَ يُشْتَرَطُ فِي الْمَعْدُومِ فَافْتَرَقَا.
عَلَى أَنَّهُمَا هَرَوِيَّانِ كُلُّ ثَوْبٍ بِعَشَرَةٍ، فَإِذَا أَحَدُهُمَا هَرَوِيٌّ وَالْآخَرُ مَرْوِيٌّ، فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي الْهَرَوِيِّ وَالْمَرْوِيِّ جَمِيعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ وَعِنْدَهُمْ يَجُوزُ فِي الْهَرَوِيِّ.
وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ الْفَائِتَ فِي الصِّفَةِ مَسْأَلَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا أَصْلُ الثَّوْبِ، فَإِذَا كَانَ فَوَاتُ الصِّفَةِ فِي أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ مُفْسِدًا لِلْعَقْدِ عَلَى مَذْهَبِهِ فَفَوَاتُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْأَصْلِ أَوْلَى أَنْ يَفْسُدَ. قَالَ الشَّيْخُ: وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ ثَمَنَ النَّاقِصِ مَعْلُومٌ قَطْعًا فَلَا يَضُرُّ الْبَاقِي. وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الْجَامِعِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْقَبُولَ فِي الْمَرْوِيِّ شَرْطًا لِلْعَقْدِ فِي الْهَرَوِيِّ، وَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ لِأَنَّ الْمَرْوِيَّ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي الْعَقْدِ فَشَرْطُ قَبُولِهِ مِمَّا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ فَكَانَ فَاسِدًا، وَهَذَا لَا يُوجَدُ هَاهُنَا فَإِنَّهُ مَا شَرَطَ قَبُولَ الْعَقْدِ فِي الْمَعْدُومِ وَلَا قَصَدَ إيرَادَ الْعَقْدِ عَلَى الْمَعْدُومِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ ذَلِكَ فِيهِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ إيرَادَهُ عَلَى الْمَوْجُودِ فَقَطْ وَلَكِنَّهُ غَلِطَ فِي الْعَدَدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute