للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ هَذَا تَغَيُّرُ حَالَةٍ لَا تَحَقُّقُ زِيَادَةٍ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا وَتَرَكَهَا عَلَى النَّخِيلِ وَقَدْ اسْتَأْجَرَ النَّخِيلَ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ طَابَ لَهُ الْفَضْلُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ التَّعَارُفِ وَالْحَاجَةِ فَبَقِيَ الْإِذْنُ مُعْتَبَرًا، بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى الزَّرْعَ وَاسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ إلَى أَنْ يُدْرِكَ وَتَرَكَهُ حَيْثُ لَا يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ لِلْجَهَالَةِ فَأَوْرَثَتْ خُبْثًا؛. .

فَإِنَّ إعَارَتَهَا وَإِجَارَتَهَا جَائِزَةٌ فَيَلْزَمُ صَفْقَةٌ فِي صَفْقَةٍ، هَذَا إذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ لَمْ تَتَنَاهَ فِي عِظَمِهَا وَأَمَّا إذَا تَنَاهَى عِظَمُهَا فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ شَرْطَ التَّرْكِ مِمَّا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ، وَأَمَّا مُحَمَّدٌ فَقَدْ اسْتَحْسَنَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَقَالَ: لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ لِتَعَارُفِ النَّاسِ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهَا لِأَنَّهُ شُرِطَ فِيهِ الْجُزْءُ الْمَعْدُومُ وَهُوَ الَّذِي يَزِيدُ لِمَعْنًى فِي الْأَرْضِ أَوْ الشَّجَرِ. وَالْجَوَابُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّعَامُلَ جَرَى فِي اشْتِرَاطِ التَّرْكِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَادَ فِي مِثْلِهِ الْإِذْنُ فِي تَرْكِهِ بِلَا شَرْطٍ فِي الْعَقْدِ، وَلَوْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ الَّتِي لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ التَّرْكَ وَتَرَكَهَا، فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ طَابَ لَهُ الْفَضْلُ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ تَصَدَّقَ بِمَا زَادَ فِي ذَاتِهِ بِأَنْ يُقَوَّمَ ذَلِكَ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ وَيُقَوَّمَ بَعْدَهُ وَيَتَصَدَّقَ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا، لِأَنَّ مَا زَادَ حَصَلَ بِجِهَةٍ مَحْظُورَةٍ وَهِيَ حُصُولُهَا بِقُوَّةِ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ. وَإِذَا تَرَكَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ بَعْدَمَا تَنَاهَى لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ لِأَنَّ هَذَا تَغَيُّرُ حَالَةٍ مِنْ النِّيءِ إلَى النُّضْجِ لَا تَحَقُّقُ زِيَادَةٍ فِي الْجِسْمِ، فَإِنَّ الثَّمَرَةَ إذَا صَارَتْ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ لَا يَزْدَادُ فِيهَا مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ بِغَيْرِ إذْنِهِ شَيْءٌ، بَلْ الشَّمْسُ تُنْضِجُهَا وَالْقَمَرُ يُلَوِّنُهَا وَالْكَوَاكِبُ تُعْطِيهَا الطَّعْمَ، وَإِنْ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا عَنْ التَّرْكِ وَالْقَطْعِ وَتَرَكَهَا عَلَى النَّخِيلِ بِاسْتِئْجَارِ النَّخِيلِ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ طَابَ لَهُ الْفَضْلُ لِبُطْلَانِ إجَارَةِ النَّخِيلِ لِعَدَمِ التَّعَارُفِ، فَإِنَّ التَّعَارُفَ لَمْ يَجْرِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ بِاسْتِئْجَارِ الْأَشْجَارِ، وَلِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى التَّرْكِ بِالْإِجَارَةِ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُخَلِّصٌ سِوَاهَا، وَهَاهُنَا يُمْكِنُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَشْتَرِيَ الثِّمَارَ مَعَ أُصُولِهَا عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ. وَإِذَا بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ بَقِيَ الْإِذْنُ مُعْتَبَرًا فَيَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ فَإِنْ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ بَقَاءَ الْإِذْنِ فَإِنْ ثَبَتَ فِي ضِمْنِ الْإِجَارَةِ، وَفِي بُطْلَانِ الْمُتَضَمَّنِ بُطْلَانُ الْمُتَضَمِّنِ كَالْوَكَالَةِ الثَّانِيَةِ فِي ضِمْنِ الرَّهْنِ تَبْطُلُ بِبُطْلَانِ الرَّهْنِ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْبَاطِلَ مَعْدُومٌ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي لَا تَحَقُّقَ لَهُ أَصْلًا وَلَا وَصْفًا شَرْعًا عَلَى مَا عُرِفَ، وَالْمَعْدُومُ لَا يَتَضَمَّنُ شَيْئًا حَتَّى يَبْطُلَ بِبُطْلَانِهِ، بَلْ كَانَ ذَلِكَ الْكَلَامُ ابْتِدَاءً عِبَارَةً عَنْ الْإِذْنِ فَكَانَ مُعْتَبَرًا، بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى الزَّرْعَ وَاسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ إلَى أَنْ يُدْرِكَ الزَّرْعُ وَتَرَكَهُ حَيْثُ لَا يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ لِجَهَالَةِ وَقْتِ الزَّرْعِ، فَإِنَّ الْإِدْرَاكَ قَدْ يَتَقَدَّمُ لِشِدَّةِ الْحَرِّ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ لِلْبَرْدِ، وَالْفَاسِدُ مَا لَهُ تَحَقُّقٌ مِنْ حَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>