للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا إذَا اشْتَرَى ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثُمَّ أَسْلَمَ بَطَلَ الْخِيَارُ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا فَلَا يَمْلِكُ رَدَّهَا وَهُوَ مُسْلِمٌ. وَعِنْدَهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا فَلَا يَتَمَلَّكُهَا بِإِسْقَاطِ الْخِيَارِ بَعْدَهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ.

قَالَ (وَمَنْ شُرِطَ لَهُ الْخِيَارُ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ فِي الْمُدَّةِ وَلَهُ أَنْ يُجِيزَ، فَإِنْ أَجَازَهُ بِغَيْرِ حَضْرَةِ صَاحِبِهَا جَازَ

وَإِنْ رُدَّ صَارَ الْخَمْرُ لِلْبَائِعِ وَالْمُسْلِمُ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْخَمْرَ حُكْمًا.

قَالَ (وَمَنْ شُرِطَ لَهُ الْخِيَارُ فَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ فِي الْمُدَّةِ) هَذَا الْعُمُومُ يَتَنَاوَلُ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ وَالْأَجْنَبِيَّ، لِأَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ يَصِحُّ مِنْهُمْ جَمِيعًا، فَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَالْإِجَازَةُ تَحْصُلُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: بِأَنْ يَقُولَ أَجَزْت وَبِمَوْتِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لِأَنَّهُ لَا يُورَثُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فَيَكُونُ الْعَقْدُ بِهِ نَافِذًا، وَبِأَنْ تَمْضِيَ مُدَّةُ الْخِيَارِ مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ وَإِذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَبِذَلِكَ، وَبِأَنْ يَصِيرَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي إلَى حَالٍ لَا يَمْلِكُ فَسْخَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ كَهَلَاكِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَانْتِقَاصِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَأَمَّا الْفَسْخُ فَقَدْ يَكُونُ حَقِيقَةً وَقَدْ يَكُونُ حُكْمًا.

وَالثَّانِي هُوَ مَا يَكُونُ بِالْفِعْلِ كَأَنْ يَتَصَرَّفَ الْبَائِعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ، كَمَا إذَا أَعْتَقَ الْمَبِيعَ أَوْ بَاعَهُ أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ عَيْنًا فَتَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي فِيهِ تَصَرُّفُ الْمُلَّاكِ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ حُضُورُ الْآخَرِ وَعَدَمُهُ لِأَنَّهُ فَسْخٌ حُكْمِيٌّ، وَالشَّيْءُ قَدْ يَثْبُتُ حُكْمًا وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>