قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ فَأَيُّهُمَا أَجَازَ الْخِيَارَ وَأَيُّهُمَا نَقَضَ انْتَقَضَ) وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ اشْتِرَاطَ الْخِيَارِ لِغَيْرِهِ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ مِنْ مَوَاجِبِ الْعَقْدِ وَأَحْكَامِهِ، فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِغَيْرِهِ كَاشْتِرَاطِ الثَّمَنِ عَلَى غَيْرِ الْمُشْتَرِي.
فَإِنَّ السَّبَبَ وَهُوَ الشَّرْطُ لَا يُوجَدُ فِي حَقِّ الْوَارِثِ، وَكَذَا خِيَارُ التَّعْيِينِ لَا يَنْتَقِلُ بَلْ الْخِيَارُ سَقَطَ بِالْمَوْتِ، لَكِنَّ الْوَارِثَ وَرِثَ الْمَبِيعَ وَهُوَ مَجْهُولٌ فَثَبَتَ لَهُ خِيَارُ التَّعْيِينِ، وَكَمَنْ اخْتَلَطَ مَالُهُ بِمَالِ رَجُلٍ ثَبَتَ لَهُ خِيَارُ التَّعْيِينِ، وَهَذَا الْخِيَارُ غَيْرُ ذَلِكَ الْخِيَارِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُوَرِّثَ كَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ قَوْلَهُ وَكَانَ خِيَارُهُ مُؤَقَّتًا، وَالْوَارِثُ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ وَلَيْسَ خِيَارُهُ بِمُؤَقَّتٍ.
قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ) تَقْرِيرُ كَلَامِهِ: وَمَنْ اشْتَرَى وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ جَازَ حَذْفُهُ لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ فَأَيَّهُمَا أَجَازَ جَازَ: يَعْنِي مِنْ الْمُشْتَرِي وَذَلِكَ الْغَيْرِ عَلَى الْمَحْذُوفِ، وَاشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لِلْغَيْرِ لَا يَجُوزُ فِي الْقِيَاسِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ، لِأَنَّ الْخِيَارَ إذَا شُرِطَ فِي الْعَقْدِ صَارَ حَقًّا مِنْ حُقُوقِهِ وَاجِبًا مِنْ وَاجِبَاتِهِ بِمُقْتَضَى الشَّرْطِ الْمُسَوِّغِ شَرْعًا، وَمَا كَانَ مِنْ مَوَاجِبِ الْعَقْدِ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ عَلَى غَيْرِ الْعَاقِدِ كَاشْتِرَاطِ الثَّمَنِ عَلَى غَيْرِ الْمُشْتَرِي أَوْ اشْتِرَاطِ تَسْلِيمِهِ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ اشْتِرَاطِ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ، لَكِنَّ الْعُلَمَاءَ الثَّلَاثَةَ اسْتَحْسَنُوا جَوَازَهُ لِأَنَّ
الْحَاجَةَ
قَدْ تَدْعُو إلَى اشْتِرَاطِ الْخِيَارِ لِلْأَجْنَبِيِّ لِكَوْنِهِ أَعْرَفَ بِالْمَبِيعِ أَوْ بِالْعَقْدِ فَصَارَ كَالِاحْتِيَاجِ إلَى نَفْسِ الْخِيَارِ. وَطَرِيقُ ذَلِكَ أَنْ يَثْبُتَ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الْعَاقِدِ اقْتِضَاءً، إذْ لَا وَجْهَ لِإِثْبَاتِهِ لِلْغَيْرِ أَصَالَةً فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ وَجُعِلَ الْأَجْنَبِيُّ نَائِبًا عَنْهُ فِي التَّصَرُّفِ تَصْحِيحًا لَهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَفِيهِ بَحْثٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ شَرْطَ الِاقْتِضَاءِ أَنْ يَكُونَ الْمُقْتَضِي أَدْنَى مَنْزِلَةً مِنْ الْمُقْتَضَى، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِعَبْدٍ لَهُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِك بِالْمَالِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ تَحْرِيرًا اقْتِضَاءً لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute