للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يُمَكِّنُهُ الْبَائِعُ مِنْ الْحَمْلِ إلَيْهِ إلَّا بِالْبَيْعِ فَكَانَ فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ، غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الْحَاجَةُ تَنْدَفِعُ بِالثَّلَاثِ لِوُجُودِ الْجَيِّدِ وَالْوَسَطِ وَالرَّدِيءِ فِيهَا، وَالْجَهَالَةُ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ فِي الثَّلَاثِ لِتَعْيِينِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ، وَكَذَا فِي الْأَرْبَعِ، إلَّا أَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهَا غَيْرُ مُتَحَقِّقَةٍ وَالرُّخْصَةُ ثُبُوتُهَا بِالْحَاجَةِ وَكَوْنُ الْجَهَالَةِ غَيْرَ مُفْضِيَةٍ إلَى الْمُنَازَعَةِ فَلَا تَثْبُتُ بِأَحَدِهِمَا. ثُمَّ قِيلَ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْعَقْدِ خِيَارُ الشَّرْطِ مَعَ خِيَارِ التَّعْيِينِ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.

(وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ)، فَيَكُونُ ذِكْرُهُ عَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ وِفَاقًا لَا شَرْطًا؛ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ خِيَارَ الشَّرْطِ لَا بُدَّ مِنْ تَوْقِيتِ خِيَارِ التَّعْيِينِ بِالثَّلَاثِ عِنْدَهُ وَبِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ أَيَّتُهَا كَانَتْ عِنْدَهُمَا.

كَامْرَأَتِهِ وَبِنْتِهِ (وَالْبَائِعُ لَا يُمَكِّنُهُ مِنْ الْحَمْلِ إلَيْهِ إلَّا بِالْبَيْعِ) فَكَانَ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ (فِي مَعْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ) وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ (الْجَهَالَةَ تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ) لِأَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ اسْتَبَدَّ بِالتَّعْيِينِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ مُنَازِعٌ فَكَانَ عِلَّةُ جَوَازِهِ مُرَكَّبَةً مِنْ الْحَاجَةِ وَعَدَمِ كَوْنِ الْجَهَالَةِ تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ، فَأَمَّا عَدَمُ الْمُنَازَعَةِ فَإِنَّهُ ثَابِتٌ بِاشْتِرَاطِ الْخِيَارِ لِنَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَثْوَابُ ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ، وَأَمَّا الْحَاجَةُ فَإِنَّمَا تَتَحَقَّقُ فِي الثَّلَاثَةِ لِوُجُودِ الْجَيِّدِ وَالْوَسَطِ وَالرَّدِيءِ فِيهِ، وَالزَّائِدُ يَقَعُ مُكَرَّرًا غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فَانْتَفَى عَنْهُ جُزْءُ الْعِلَّةِ، وَالْحُكْمُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِتَمَامِ عِلَّتِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَفِي الْمَأْذُونِ وَقَالَ وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَسَكَتَ عَنْ ذَلِكَ. وَعَلَى ذَلِكَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ؛ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ وَقْتًا مَعْلُومًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَزِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ فِي قَوْلِهِمَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَصِحُّ الْعَقْدُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الزِّيَادَةَ، وَذِكْرُهَا فِيمَا ذُكِرَ كَانَ اتِّفَاقًا لَا قَصْدًا وَهُوَ اخْتِيَارُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ حُجَّةِ الْأَوَّلِينَ أَنَّ جَوَازَهُ بِطَرِيقِ الْإِلْحَاقِ بِمَوْضِعِ السُّنَّةِ فَلَا يَصِحُّ بِدُونِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ عَدَمَ انْفِكَاكِ الْمُلْحَقِ عَنْ الْمُلْحَقِ بِهِ لَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>