فَيُسْتَحَقُّ فِي الْعَقْدِ بِالشَّرْطِ، ثُمَّ فَوَاتُهُ يُوجِبُ التَّخْيِيرَ؛ لِأَنَّهُ مَا رَضِيَ بِهِ دُونَهُ، وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى اخْتِلَافِ النَّوْعِ لِقِلَّةِ التَّفَاوُتِ فِي الْأَغْرَاضِ، فَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِعَدَمِهِ بِمَنْزِلَةِ وَصْفِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فِي الْحَيَوَانَاتِ وَصَارَ كَفَوَاتِ
أَمَّا رَدُّهُ فَلِأَنَّ هَذَا الْوَصْفَ وَصْفٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَهُوَ احْتِرَازٌ عَمَّا لَيْسَ بِمَرْغُوبٍ فِيهِ كَمَا إذَا بَاعَ عَلَى أَنَّهُ أَعْوَرُ فَإِذَا هُوَ سَلِيمٌ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ الْخِيَارَ، وَكُلُّ مَا هُوَ وَصْفٌ مَرْغُوبٌ فِيهِ يُسْتَحَقُّ فِي الْعَقْدِ بِالشَّرْطِ لِأَنَّهُ لِرُجُوعِهِ إلَى صِفَةِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ كَانَ مُلَائِمًا لِلْعَقْدِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فِي الْمَبِيعِ لَدَخَلَ فِي الْعَقْدِ بِلَا ذِكْرٍ فَلَا يَكُونُ مُفْسِدًا لَهُ، وَنُوقِضَ بِمَا إذَا بَاعَ شَاةً عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ أَوْ عَلَى أَنَّهَا تَحْلُبُ كَذَا فَإِنَّ الْبَيْعَ فِيهِ وَفِي أَمْثَالِهِ فَاسِدٌ وَالْوَصْفُ مَرْغُوبٌ فِيهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَصْفٍ بَلْ اشْتِرَاطُ مِقْدَارٍ مِنْ الْمَبِيعِ مَجْهُولٌ وَضَمُّ الْمَعْلُومِ إلَى الْمَجْهُولِ يُصَيِّرُ الْكُلَّ مَجْهُولًا، وَلِهَذَا لَوْ شَرَطَ أَنَّهَا حَلُوبٌ أَوْ لَبُونٌ لَا يَفْسُدُ لِكَوْنِهِ وَصْفًا مَرْغُوبًا فِيهِ ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ، سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّهُ مَجْهُولٌ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْبَائِعِ تَحْصِيلُهُ وَلَا إلَى مَعْرِفَتِهِ سَبِيلٌ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْخَبْزِ وَالْكِتَابَةِ فَيَظْهَرُ حَالُهُ، وَأَمَّا انْتِفَاخُ الْبَطْنِ فَقَدْ يَكُونُ مِنْ رِيحٍ، وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ وَلِذَا لَا نَعْلَمُ حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ وَلَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَتِهِ، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَفَوَاتُهُ يُوجِبُ التَّخْيِيرَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَا رَضِيَ بِالْمَبِيعِ دُونَ ذَلِكَ الْوَصْفِ فَيَتَخَيَّرُ وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ لِأَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ أَيْ الَّذِي يَكُونُ مِنْ حَيْثُ فَوَاتُ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ هُنَا رَاجِعٌ إلَى اخْتِلَافِ النَّوْعِ لِقِلَّةِ التَّفَاوُتِ فِي الْأَغْرَاضِ فَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِعَدَمِ ذَلِكَ الْوَصْفِ، كَمَا إذَا اشْتَرَى شَاةً عَلَى أَنَّهَا نَعْجَةٌ فَإِذَا هِيَ حَمَلٌ فَصَارَ الْأَصْلُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ الْحَاصِلَ بِالْوَصْفِ إنْ كَانَ مِمَّا يُوجِبُ التَّفَاوُتَ الْفَاحِشَ فِي الْأَغْرَاضِ كَانَ رَاجِعًا إلَى الْجِنْسِ، كَمَا إذَا بَاعَ عَبْدًا فَإِذَا هِيَ جَارِيَةٌ وَيَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُوجِبُهُ كَانَ رَاجِعًا إلَى النَّوْعِ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمِثَالِ فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute