(قَالَ: وَمَنْ نَظَرَ إلَى وَجْهِ الصُّبْرَةِ، أَوْ إلَى ظَاهِرِ الثَّوْبِ مَطْوِيًّا أَوْ إلَى وَجْهِ الْجَارِيَةِ أَوْ إلَى وَجْهِ الدَّابَّةِ وَكَفَلِهَا فَلَا خِيَارَ لَهُ) وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ رُؤْيَةَ جَمِيعِ الْمَبِيعِ غَيْرُ مَشْرُوطٍ لِتَعَذُّرِهِ فَيَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعِلْمِ بِالْمَقْصُودِ.
ضَرُورَاتِ الْغَيْرِ وَيُبْطِلُهُ بَعْدَهَا لِوُجُودِ الدَّلَالَةِ مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ
(قَالَ وَمَنْ نَظَرَ إلَى وَجْهِ الصُّبْرَةِ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَبِيعَ إمَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا وَاحِدًا أَوْ أَشْيَاءَ مُتَعَدِّدَةً، وَالثَّانِي إمَّا أَنْ يَكُونَ مُتَفَاوِتَ الْآحَادِ أَوْ لَا، فَذَلِكَ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ رُؤْيَةُ الْجَمِيعِ شَرْطًا لِبُطْلَانِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ، لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْجَمِيعِ قَدْ تَكُونُ مُتَعَذِّرَةً كَمَا إذَا كَانَ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً فَإِنَّ فِي رُؤْيَةِ جَمِيعِ بَدَنِهِمَا رُؤْيَةَ عَوْرَتِهِمَا، وَذَلِكَ فِي الْعَبْدِ لَا يَجُوزُ أَصْلًا فُسِخَ الْعَقْدُ أَوْ لَمْ يُفْسَخْ، وَفِي الْأَمَةِ لَوْ فُسِخَ الْعَقْدُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ بَعْدَ رُؤْيَةِ عَوْرَتِهَا كَانَ النَّظَرُ فِي عَوْرَتِهَا وَاقِعًا فِي غَيْرِ الْمِلْكِ لِأَنَّ الْعَقْدَ ارْتَفَعَ بِالْفَسْخِ مِنْ أَصْلِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَكَانَ النَّظَرُ الْوَاقِعُ حَرَامًا، وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ ثَوْبًا مَطْوِيًّا فَإِنَّ الْبَائِعَ يَتَضَرَّرُ بِانْكِسَارِ ثَوْبِهِ بِالطَّيِّ وَالنَّشْرِ فَيُكْتَفَى بِرُؤْيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعِلْمِ بِالْمَقْصُودِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ. وَإِنْ كَانَ الثَّانِي كَالثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ وَالْبَيْضِ وَالْجَوْزِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ، لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْبَعْضِ لَا تُعَرِّفُ الْبَاقِيَ لِتَفَاوُتٍ فِي آحَادِهِ. وَإِنْ كَانَ الثَّالِثُ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ وَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ عَلَى مَا مَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ يُكْتَفَى بِرُؤْيَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لِأَنَّ بِرُؤْيَةِ الْبَعْضِ يُعْرَفُ الْبَاقِي لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ، وَعَلَامَةُ عَدَمِ التَّفَاوُتِ أَنْ يُعْرَضَ بِالنَّمُوذَجِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي أَرْدَأَ مِنْهَا، فَعَلَى هَذَا إذَا نَظَرَ إلَى وَجْهِ الصُّبْرَةِ بَطَلَ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ الْبَاقِي لِأَنَّهُ مَكِيلٌ يُعْرَضُ بِالنَّمُوذَجِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute