للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا أَنْ يَكُونَ الزِّنَا عَادَةً لَهُ عَلَى مَا قَالُوا؛ لِأَنَّ اتِّبَاعَهُنَّ يُخِلُّ بِالْخِدْمَةِ.

قَالَ (وَالْكُفْرُ عَيْبٌ فِيهِمَا)؛ لِأَنَّ طَبْعَ الْمُسْلِمِ يَنْفِرُ عَنْ صُحْبَتِهِ. وَلِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ صَرْفُهُ فِي بَعْضِ الْكَفَّارَاتِ فَتَخْتَلُّ الرَّغْبَةُ، فَلَوْ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ كَافِرٌ فَوَجَدَهُ مُسْلِمًا لَا يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّهُ زَوَالُ الْعَيْبِ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ يُسْتَعْمَلُ فِيمَا لَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ الْمُسْلِمُ، وَفَوَاتُ الشَّرْطِ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ. .

فِي الْمَقْصُودِ مِنْ الْغُلَامِ وَهُوَ الِاسْتِخْدَامُ، إلَّا أَنْ يَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى مَا قَالَ الْمَشَايِخُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ عَادَةً وَيُحْتَاجُ إلَى اتِّبَاعِهِنَّ وَهُوَ مُخِلٌّ بِالْخِدْمَةِ.

قَالَ (وَالْكُفْرُ عَيْبٌ فِيهِمَا) الْكُفْرُ عَيْبٌ فِي الْجَارِيَةِ وَالْغُلَامِ لِأَنَّ طَبْعَ الْمُسْلِمِ يَنْفِرُ عَنْ صُحْبَتِهِ، وَالنُّفْرَةُ عَنْ الصُّحْبَةِ تُؤَدِّي إلَى قِلَّةِ الرَّغْبَةِ وَهِيَ تُؤَثِّرُ فِي نُقْصَانِ الثَّمَنِ فَيَكُونُ عَيْبًا، وَلِأَنَّهُ يَمْنَعُ صَرْفَهُ عَنْ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ بِالِاتِّفَاقِ، وَعَنْ كَفَّارَتَيْ الْيَمِينِ وَالظِّهَارِ عِنْدَ بَعْضٍ فَيُخِلُّ بِالرَّغْبَةِ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ مُسْلِمٌ فَوَجَدَهُ كَافِرًا فَلَا شُبْهَةَ فِي الرَّدِّ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ كَافِرٌ فَوَجَدَهُ مُسْلِمًا لَمْ يُرَدَّ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ زَوَالُ الْعَيْبِ وَزَوَالُ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ إيَّاهُ، كَمَا إذَا اشْتَرَى مَعِيبًا فَإِذَا هُوَ سَلِيمٌ، فَعَلَى هَذَا ذَكَرَ الْكُفْرَ فِيمَا اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ كَافِرٌ لِلْبَرَاءَةِ عَنْ عَيْبِ الْكُفْرِ لَا لِلشَّرْطِ بِأَنْ يُوجَدَ فِيهِ هَذَا الْوَصْفُ الْقَبِيحُ لَا مَحَالَةَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُرَدُّ بِهِ لِأَنَّهُ فَاتَ شَرْطٌ مَرْغُوبٌ، لِأَنَّ الْأَوْلَى بِالْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَعْبِدَ الْكَافِرَ وَكَانَ السَّلَفُ يَسْتَعْبِدُونَ الْعُلُوجَ. وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ رَاجِعٌ إلَى الدِّيَانَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِهِ فِي الْمُعَامَلَاتِ.

فَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ بَالِغَةً لَا تَحِيضُ بِأَنْ ارْتَفَعَ عَنْهَا فِي أَقْصَى غَايَةِ الْبُلُوغِ وَهُوَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً فِيهَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ فِيمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَوْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ فِيمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَوْ سَنَتَيْنِ فِيمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ أَنَّهَا لَمْ تَحِضْ لِحَبَلٍ بِهَا أَوْ لِدَاءٍ كَانَ ذَلِكَ عَيْبًا تُرَدُّ بِهِ، وَالْمَرْجِعُ فِي الْحَبَلِ قَوْلُ النِّسَاءِ. وَيُكْتَفَى بِقَوْلِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فِي حَقِّ سَمَاعِ الْخُصُومَةِ، وَفِي الدَّاءِ قَوْلُ الْأَطِبَّاءِ يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ عَدْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو الْمُعِينِ: يَكْفِي قَوْلُ عَدْلٍ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. وَقَيَّدْنَا بِأَنْ تَكُونَ الدَّعْوَةُ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى فِي مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ لَا يَلْزَمُ الْقَاضِيَ الْإِصْغَاءُ إلَى ذَلِكَ، وَبِأَنْ تَكُونَ دَعْوَاهُ مُشْتَمِلَةً عَلَى انْضِمَامِ الْحَبَلِ إلَى انْقِطَاعِ الْحَيْضِ، أَوْ عَلَى انْضِمَامِ الدَّاءِ إلَيْهِ لِأَنَّ الِارْتِفَاعَ بِدُونِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ لَا يُعَدُّ عَيْبًا، وَكَذَا إذَا بَلَغَتْ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ وَحَاضَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>