للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ وَجَدَ بِالْمَقْبُوضِ عَيْبًا اخْتَلَفُوا فِيهِ. وَيُرْوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَرُدُّهُ خَاصَّةً، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَأْخُذُهُمَا أَوْ يَرُدُّهُمَا؛ لِأَنَّ تَمَامَ الصَّفْقَةِ تَعَلَّقَ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ وَهُوَ اسْمٌ لِلْكُلِّ فَصَارَ كَحَبْسِ الْمَبِيعِ لَمَّا تَعَلَّقَ زَوَالُهُ بِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ لَا يَزُولُ دُونَ قَبْضِ جَمِيعِهِ (وَلَوْ قَبَضَهُمَا ثُمَّ وَجَدَ) بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا يَرُدُّهُ خَاصَّةً خِلَافًا لِزُفَرَ. هُوَ يَقُولُ: فِيهِ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ وَلَا يَعْرَى عَنْ ضَرَرٍ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِضَمِّ الْجَيِّدِ إلَى الرَّدِيءِ فَأَشْبَهَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَخِيَارَ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ. وَلَنَا أَنَّهُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ بَعْدَ التَّمَامِ؛ لِأَنَّ بِالْقَبْضِ تَتِمُّ الصَّفْقَةُ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ وَفِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ لَا تَتِمُّ بِهِ عَلَى مَا مَرَّ

قَالَ (وَلَوْ وَجَدَ بِالْمَقْبُوضِ عَيْبًا اخْتَلَفُوا فِيهِ) إذَا وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْمَقْبُوضِ عَيْبًا، قَالُوا فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، فَإِنَّهُ قَالَ (وَيُرْوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَرُدُّهُ خَاصَّةً).

وَوَجْهُهُ أَنَّ الصَّفْقَةَ تَامَّةٌ فِي حَقِّ الْمَقْبُوضِ فَبِالنَّظَرِ إلَيْهِ لَا يَلْزَمُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ (لِأَنَّ تَمَامَ الصَّفْقَةِ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ وَهُوَ اسْمٌ لِلْكُلِّ فَهُوَ كَحَبْسِ الْمَبِيعِ) لِأَجْلِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ لَا يَزُولُ بِقَبْضِ بَعْضِ الثَّمَنِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْكُلِّ اعْتِبَارًا لِأَحَدِ الْبَدَلَيْنِ بِالْآخَرِ (وَلَوْ قَبَضَهُمَا ثُمَّ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ خَاصَّةً) وَقَالَ زُفَرُ: لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ فِيهِ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ (وَلَا يَعْرَى عَنْ ضَرَرٍ إذْ الْعَادَةُ جَرَتْ بِضَمِّ الْجَيِّدِ إلَى الرَّدِيءِ فَأَشْبَهَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ) بِجَامِعِ دَفْعِ الضَّرَرِ (وَأَشْبَهَ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ) وَلَنَا أَنَّهُ إذَا قَبَضَهُمَا جَمِيعًا فَقَدْ تَمَّتْ الصَّفْقَةُ وَالتَّفْرِيقُ بَعْدَهُ غَيْرُ ضَائِرٍ، بِخِلَافِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ فَإِنَّ الصَّفْقَةَ لَا تَتِمُّ بِالْقَبْضِ فِيهِمَا عَلَى مَا مَرَّ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَنَّ الصَّفْقَةَ لَا تَتِمُّ مَعَ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ، وَخِيَارُ الْعَيْبِ لَا يَمْنَعُ تَمَامَ الصَّفْقَةِ لِوُجُودِ تَمَامِ الرِّضَا مِنْ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْقَبْضِ عَلَى صِفَةِ السَّلَامَةِ كَمَا أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ.

وَالْأَصْلُ صِفَةُ السَّلَامَةِ فَكَانَتْ الصَّفْقَةُ تَامَّةً بِظَاهِرِ الْعَقْدِ، وَتَضَرُّرُ الْبَائِعِ إنَّمَا لَزِمَ مِنْ تَدْلِيسِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ. لَا يُقَالُ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَزِمَ التَّمَكُّنُ مِنْ رَدِّ الْمَعِيبِ قَبْلَ قَبْضِهِمَا أَيْضًا لِوُجُودِ التَّدْلِيسِ مِنْهُ، لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ التَّفْرِيقَ قَبْلَ التَّمَامِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ. قِيلَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي شَيْئَيْنِ يُمْكِنُ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا بِالِانْتِفَاعِ كَالْعَبْدَيْنِ.

وَأَمَّا إذَا لَا يُمْكِنُ كَزَوْجَيْ الْخُفِّ وَمِصْرَاعَيْ الْبَابِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُمَا أَوْ يُمْسِكُهُمَا، حَتَّى لَوْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>